بونداي و الاستثمار السياسي الإسرائيلي)

ما حدث في استراليا صدم العديد من الاستراليين و فاجأ العالم، في وقت عصيب و ظروف غاية في الحساسية ، والمجتمع الدولي يحاول التخلص من خطيئة خذلان غزة و استمرار معاناة أهلها، و هو عاجز عن الوقوف في وجه الممارسات الإسرائيلية التي تمنع دخول المساعدات الإنسانية للتخفيف عن معاناة الغزيين في ظل ظروف جوية قاسية، لا يستطيع معها المجتمع الدولي بما فيها الدول الغربية متمثلة بالاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية التي تعهدت مراراً و تكراراً بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية سواء الغذائية و الطبية منها، فور إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الاحتلال الإسرائيلي و المقاومة الفلسطينية في غزة، لم تحرك ساكناً و الانتهاكات الإسرائيلية تتواصل في قطاع غزة يوماً بعد يوم. مر عامان و الوضع الإنساني في غزة من سيء لأسوء مع رفض حكومة نتنياهو إدخال الخيم لإيواء النازحين الذين نزحوا عن دورهم و أحيائهم و مدنهم، و جلسوا في خيام بالية لم تصمد أمام أول منخفض جوي في ظل موجة برد قارس، وغرقت معظم تلك الخيام و بات العديد منهم بلا مأوى فباتوا في العراء يلتحفون السماء و البرد نهش أجسادهم، لجأ البعض منهم في لحظة يأس من استجابة المجتمع الدولي لنداءاتهم و إستغاثاتهم من موجة البرد التي طرقت أبواب القطاع أن يسكنوا منازلهم المدمرة، فمع وصول المنخفض البارد سقطت بيوتهم على رؤوسهم، و لم يتحمل بعض الأطفال شدة البرد و فقدان البيت الآمن و الدفء و اللباس الشتوي، الذي يحميهم من أحوال الطقس شديدة البرودة. وكل تلك المعاناة والتي تحاول معها حكومة نتنياهو إنكارها من وحي العزلة الدولية التي تواجهها بسبب ممارساتها الوحشية و العنصرية تجاه الفلسطينيين في غزة، من هنا برزت حادثة قتل استراليين يهود على شاطئ بونداي في سيدني أثناء احتفالاتهم بعيد الأنوار الحانوكا، وقد أدى إلى مقتل ما يقارب من ١٦ شخصاً، ليظهر صوت نتنياهو ليثبت وجهة نظره أن الإسرائيليين يتعرضون للكراهية، محاولا ربط الحادث بإيران بالقول أن هناك شكوك بضلوع أصابع للحرس الثوري الإيراني في الحادث، و لتصبح ربما غطاء و حجة لمهاجمة إيران فيما بعد. لا شك أن استغلال حادثة سيدني الأسترالية لجلد الحكومة الأسترالية على اعترافها بالدولة الفلسطينية غاية حكومة نتنياهو، ويحملها مسؤولية العنف الذي حصل لليهود و تهاونها في توفير الحماية الكافية لهم، و يكون أيضاً رداً على المظاهرات و الاحتجاجات التي عمت العاصمة الأسترالية دعماً لغزة و استنكاراً لممارسات الجيش الإسرائيلي و تورطه في إبادة جماعية و تطهير عرقي بحق الأبرياء من النساء والأطفال و الشيوخ في غزة، فلم يتوان نتنياهو و حكومته عن استغلال حادثة أستراليا باعتبارها دليل دامغ على معاداة السامية و كراهية اليهود في العالم، فهو لا يحتاج إلى مبررات، يستطيع أن يوظف أي ظرف كي يتملص من استحقاقات هدنة وقف إطلاق النار و يماطل في الانتقال إلى المرحلة الثانية. .