خاص _ قال الخبير في مجال النفط والطاقة الدكتور المهندس زهير صادق إن المخططات الاقتصادية الاستراتيجية للكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط تقوم بالأساس على السيطرة على الثروات الطبيعية، باعتبارها المدخل الرئيس لإحكام النفوذ الاقتصادي وبالتالي السياسي على الدول والمناطق الخاضعة لسيطرته. وأضاف صادق أن أي سلطة تنجح في التحكم بالموارد الطبيعية الواقعة ضمن نطاق نفوذها، تصبح في موقع اقتصادي قوي يتيح لها فرض سيطرتها الكاملة على تلك المناطق، مبيناً أن الكيان الصهيوني يسعى منذ عقود إلى السيطرة على ثروات شرق البحر الأبيض المتوسط من نفط وغاز، بهدف فرض هيمنة اقتصادية إقليمية وتثبيت وجوده في المنطقة. وأشار إلى أن التقديرات الجيولوجية تؤكد وجود نحو 450 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، إضافة إلى مليارات البراميل من النفط في منطقة شرق المتوسط، لافتاً إلى أن بحر غزة وحده يحتوي على ما يقارب 175 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ما يجعله هدفاً استراتيجياً بالغ الأهمية. وبين صادق أن ما يجري في قطاع غزة لا يمكن فصله عن الصراع على الثروات الطبيعية، مؤكداً أن الحرب على غزة مرتبطة بشكل مباشر بالسيطرة على موارد الغاز البحرية، موضحاً أن مخططات شق ما يُعرف بقناة "بن غوريون” طُرحت منذ عام 1963 في أحد معاهد الأبحاث العلمية الأميركية، بهدف ربط ميناء إيلات بمدينة عسقلان. وأوضح أن العائق الأساسي أمام تنفيذ هذا المشروع يتمثل في صعوبة التضاريس الجغرافية، الأمر الذي دفع الكيان الصهيوني، وفق تحليله، إلى التفكير باحتلال قطاع غزة لشق القناة من شماله، باعتبار أن المسار هناك أقل كلفة وأسهل من الناحية الفنية. وكشف صادق أن الكيان الصهيوني منح بتاريخ 29 تشرين الأول 2023 نحو (12) ترخيصاً لشركات أميركية وصهيونية للتنقيب عن الثروات الطبيعية في شرق المتوسط، وبشكل خاص في بحر غزة، مؤكداً أن هذه الخطوات تعكس تسارع المخططات الاقتصادية المرتبطة بالمنطقة. وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية أفشلت هذه المخططات قبل وبعد السابع من تشرين الأول، معتبراً أن صمود المقاومة شكّل عائقاً أساسياً أمام تنفيذ المشاريع المرتبطة بالسيطرة على الغاز والثروات الطبيعية. وأضاف صادق، في تحليله الشخصي، أن القوى الاستعمارية التقليدية، مثل بريطانيا وفرنسا، عندما استعمرت دول المشرق والمغرب العربي، قامت بجمع معلومات علمية دقيقة عن الثروات الطبيعية في المنطقة، ولا تزال هذه البيانات محفوظة لديها حتى اليوم. واستدل على ذلك بمحاولة الولايات المتحدة عام 1917 إرسال فريق للتنقيب عن النفط في منطقة البحر الميت، إلا أن الاستعمار البريطاني، الذي كان يسيطر على الأردن في ذلك الوقت، رفض هذه الخطوة، ما يدل على امتلاكه معلومات مسبقة عن الثروات الكامنة في المنطقة. وختم صادق بالتأكيد على أن الأردن يمتلك ثروات طبيعية كبيرة ومتنوعة، قادرة – في حال استثمارها بالشكل الصحيح – على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير فائض للتصدير، مشيراً إلى أن ما عرضه يمثل جزءاً مختصراً من دراسة ومقال موسع حول ثروات المنطقة وصراع الطاقة فيها. .