أكد مسؤولون وخبراء دوليون في مجال أن السيطرة على الفساد أمر أساسي لتعزيز الكفاءة الضريبية والفعالية الحكومية على مستوى العالم، مشيرين إلى أن الفساد يقوض الإيرادات الضريبية، ويقلل من الامتثال ويشوه الحيز المالي. وأشاروا خلال جلسة مناقسة عقدت اليوم بعنوان "الفساد والضرائب والتدفقات المالية غير المشروعة" ضمن أعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في دورته الحادية عشرة المنعقدة في الدوحة حاليا، إلى أن معالجة الفساد في النظم الضريبية لها فائدة مزدوجة: فهي لا تعزز توليد الإيرادات عن طريق الحد من الجرائم الاقتصادية، مثل التهرب الضريبي فحسب، بل تضمن أيضا توجيه الأموال العامة نحو الأغراض المقصودة منها، مثل التنمية الاجتماعية والبنية التحتية. وأضافوا، يشوه الفساد في الإنفاق الضريبي تخصيص الموارد الحكومية، ويعطي الأولوية للمشاريع التي توفر فرصا للعمولات، مثل المبادرات الاستثمارية الكبيرة أو الإنفاق الدفاعي، على القطاعات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، خاصة في الاقتصادات الناشئة، حيث تكون الإيرادات الضريبية منخفضة نسبيا، ولذا فإن تعزيز الكفاءة الضريبية أمر بالغ الأهمية لتكون قادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs). وشدد مسؤولون من فريق الضرائب والفساد التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، على أهمية ضمان اتخاذ تدابير قوية لمكافحة الفساد في الأنظمة الضريبية، والتعاون بين الوكالات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مشيرين إلى أن مكتبهم يعمل على دعم الهيئات الحكومية من خلال أنشطة متنوعة، مثل مساعدة الدول على تعزيز النزاهة والمساءلة وأطر التعاون، وتوفير منصات للتعاون الدولي، وبناء المعرفة والقدرات من خلال منتجات معرفية ومواد مرجعية متنوعة، إضافة إلى دعم مراكز إقليمية لمكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، ومنصات إقليمية لتلبية طلب المساعدة التقنية في البلدان المستهدفة في المنطقة، وضمان تقديمها بشكل متسق وفعال، وتعزيز التآزر وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات. وأكدوا التزامهم بدعم الدول من خلال: تعزيز القدرات على تخصيص أدوات مكافحة الفساد في إطار تحصيل الضرائب والنفقات الضريبية، وتعزيز الإفصاح العالمي عن الملكية المستفيدة لمعالجة تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح التي تؤثر على الإيرادات الضريبية، وإنشاء منتديات للتعاون الدولي في مكافحة الفساد وتعزيز المؤسسات الضريبية، وتقديم المشورة إلى الدول بشأن تعميم أدوات مكافحة الفساد لتوفير الدعم على الصعيد القطري لمنع الفساد المرتبط بالضرائب، وبناء المعرفة من خلال المناقشات وموجزات السياسات والأوراق. وأشاروا إلى استمرارهم في إنجاز أعمالهم من خلال بناء شراكات مع جهات معنية مختلفة، مثل مركز السياسات الضريبية العالمية بجامعة فيينا، ووزارة التنمية الدولية، وبنك التنمية الآسيوي، والمبادرة المشتركة للطوارئ، وغيرها، وذلك لمساعدة الدول على مواءمة استجاباتها لمكافحة الفساد والجرائم المالية لتحسين تعبئة الموارد المحلية. وفي السياق ذاته شدد عدد من المشاركين في فعالية جلسة "الفساد والضرائب والتدفقات المالية غير المشروعة"، على أن تعقيد النظم الضريبية قد يؤدي إلى خلق تحديات لمكافحة الفساد المرتبط بالضرائب، مما قد يفتح بدوره فرصا للاستغلال، وأن الخسارة الناتجة عن ذلك في الأموال العامة تقلل من قدرة الدولة على الاستثمار في المجالات الحرجة كالصحة والتعليم وغيرها، لافتين إلى أن تنفيذ تدابير قوية لمكافحة الفساد من خلال الضرائب يقلل من تحويل الموارد، وبالتالي ضمان سلامة النظم الضريبية. وهذا بدوره يزيد من ثقة الجمهور، ويعزز الامتثال الضريبي ويضمن التمويل المستمر للتنمية. وأكدوا على أهمية معالجة قضايا الفساد وفق نهج واستراتيجيات وشراكات وأدوات متعددة الجوانب، تتراوح بين المستويات العالمية والإقليمية والوطنية، فضلا عن التنقل بين مختلف المواضيع والقطاعات الفرعية، مثل تعبئة الموارد المحلية، وإدارة المالية العامة، والإحصاءات، ومكافحة الفساد، وبناء القدرات، وتعزيز تبادل المعلومات، وتمكين الحكومة والنظام ككل من العمل بفعالية ومعالجة المشكلة بشكل شامل.