رسالة إلى لاعبي مُنتخبنا الوطنيّ.. #عاجل

نعم، لقَد وصلَ تعلُّق الأردنيّ بكُم أقصى درجاتِ التعلُّق، ولا أعتقِد، حسبَ معرِفتي الصّلبة بالأردنيين، وتاريخهم، أنّهُم قد بلغوا هذه الدّرجة مِن التعلُّقِ، قَط..كما لَم يعُد الأردنيّ يرى بريقَ كُرة القَدم الأردنيّة، بل بريق التقدُّم بوطَنه، على الصّعيد الرياضيّ، إلّا مِن خلال أقدامكُم، الّتي داسَت ثرى وطننا الّذي نُحب، وطننا المُنهَك بآفاتِ السّاسة وآلاعيبهم. الأردنيّونَ، بتنوّع أعمارهم، ومُختَلف أجناسهم، يحبّونَكُم، وفيهِم لوعاتٌ لكلّ مساءٍ تُطلّونَ عليهم بهِ، تنثرونَ في قُلوبهم معنى الحياة، وتُبذِرونَ في صدورهِم أنفاس الوطَن، وتُحيكونَ بأنفاسكُم معنىً للبهجَة، للفرَح، الّتي بالكَاد يحصُلون عليها. إنَّهُم لا يرونَكُم إحدى عشرَة لاعبا، وإنّما يرونَكُم وطنًا بأكمَله، يتحرَّك داخلَ مُستَطيلٍ أخضَر (والأردنيّ أينما حَل، أزهَرت الأرضَ الّتي يطيّبها بأقدامه)، يتقفّز فوقه عدد مِمّن يحمِلونَ حسّ وطنهم، يفوق عددهم العشرة ملايين، ولا مسعى لهُم إلّا أن يقفزونَ بوطَنهم -على كافة الأصعِدة- نحو الأعالي، وأنا أكادُ أجزِم، بأنّهُم لم يمنَح ثِقتهُم لأحد، كما منحوكُم إيّاها ؛ وذلكَ لأنّهُم يُدركونَ، أعلى درجاتِ الإدراك، أنّكُم جديرونَ بالثّقةِ الممنوحة لكُم. فالأردنيّ لا يُعطِ ثِقتهُ إلّا لمَن يستحقّها، ويعي قيمتها. يا رِفاق، تذكّروا أنَّ أبناء الأُردُن، يحمِلونَ مِن بهاءِ الطّالِع ما لا يحمِلهُ أبناءَ شعبٍ آخر. قِفوا في "لوسيلَ" وصدوركُم مفتوحةٌ للسّماء، وكأنّها عشٌّ لطيرٍ حُر، قِفوا، ودعوا العُشبَ الأخضرَ، من تحت أقدامكم، يُسقى مِن ماء كبريائكم. قِفوا، ودعوا الحناجِر تهتِف باسم "الأُردن" ولا شيءَ سِواه. يا رِفاق، أنتُم أردنيّون، والأردنيّيونَ بهيّونَ بطبعِهم، جميلونَ يمحياهم، دونَ أن تركضوا وتقفِزوا على العُشب الأخضَر. إذ ليسَ منكُم مِن لَم يقفِر فوقَ جبال الشّراه، ويستمدّ الأنفة والعظَمة منها، وليسَ منكُم مَن لَم يفتَرش تُراب "وادي رم" ليمتَزجَ معهُ بالأصالة، وليسَ منكُم مَن لَم يُناظِر تلّة خالد بن الوليد، موقع معرَكة اليرموك، ويستمدّ مِنها الشّموخ، وليسَ مِنكُم مَن لم يقِف على صخور البتراء، ويُحاكي سيرةَ الأنباطِ الأولى، وليسَ منكُم مِن لم يقِف على تلال "أُم قيس" ليُشهد العالم على الحِنكة والعقلانيّة الأُردنيّة، الّتي شهِد لهُ بها، أكبر أعدائه. قاتلوا مِن أجلِ الوطَن، أطلِقوا أرواحَكم في سمائه الّتي تحملونها فوقَ قُلوبكم، وطّدوا علاقتكُم به، كونوا كما يُريد أن تكونوا، ولا تكونوا كما يُريد منكُم المتنفّعون...كونوا كما يحبّكُم الوطن، اكتبوا تاريخَه الرياضيّ بأقادمكُم، وتذكّروا عندَ كُلّ كُرةٍ تركلونها تجاه مرمى الخَصم، أنّكُم تسطّرونَ مجدًا لم يسبُق لأحدٍ أن سطّرهُ قبلكُم. إنّكُم تعرِفونَ ما قيمةَ هذه الفرَحة للأُردنيّ، وما هي انعكاساتها الإيجابيّة عليه..إنّهُ حلمٌ طالَ انتِظاره، ومعكُم، سيصبِح هذا الحلم حقيقة. فلا تخذلوا الوطنَ وأنفُسكُم، ومِن ثمّ تخذلونا. اركُضوا إلى النّهايات، ولا تتوقّفوا عندَ آخر خُطوةٍ من تحقيق الحُلم.. دافعوا عن الإصرار الّذي أظهرتُموه منذُ بدايةِ المحفل الكُرويّ العربيّ، غذّوا عزيمتكم بالهمّة، وطوّقوها بأنفاس الوطَن.. وأخيرًا، سأذكُر قولًا، بتصرُّف، كانَ قد وقعَ تحتَ عيني ذات مرّة، وأرجو منكُم أن تعوا هذا القول جيّدًا، وهو : " أنتُم أبناء الشّغف، الّذي جعلتموهُ عندنا مُقدَّرًا ؛ فلا تقتلوه، ولا تسمَحوا لأحَد أن يقتُله". .