شفق نيوز- ترجمة خاصة يتزايد الجدل والمخاوف في العراق من محاولات كبح حرية التعبير في البلاد، والتي باتت تشكل نافذة جديدة للضغوط الأميركية المتزايدة على بغداد، وذلك على خلفية الكشف عن مذكرة تجرم الدعوات إلى الإطاحة بالنظام السياسي، بحسب ما قاله موقع " أمواج " البريطاني. وتناول الموقع البريطاني في تقرير له، ترجمته وكالة شفق نيوز، الدراما القضائية في العراق التي ظهرت بعد الكشف في وسائل الإعلام عن مذكرة تجرم الدعوات إلى الإطاحة بالنظام السياسي، بينما أصدرت لجنة رقابية توبيخاً نادراً من نوعه بحق مسؤول في مجلس القضاء الأعلى الذي أصدر المذكرة. ولفت التقرير إلى أنه برغم ما يبدو تراجعاً حول هذه القضية، فإنها أثارت جدلاً واسعاً في العراق حول حرية التعبير وما أسماه "تجاوزات السلطة القضائية". وبعدما ذكّر التقرير بأن المذكرة تحمل ختم رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلا أنها موقعة من مدير مكتبه بالانابة كرار عبد الأمير، أوضح أن المذكرة الموجهة إلى مكتب المدعي العام، تدعو إلى مقاضاة أي فرد "يثبت تورطه في التحريض على الإطاحة بالنظام السياسي أو الترويج لها". وتحدث التقرير عن رد فعل شعبي سريع إزاء المذكرة حيث حذرت مجموعة من المثقفين والسياسيين والناشطين، من حملة قمع لحرية التعبير، حيث وصف أحد المعلقين على منصة "أكس" المذكرة بأنها "تعيد البلد إلى منطق الدولة البوليسية". إلا أن التقرير قال إن الجدل تفاقم مع تدخل عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون، المعروف بانتقاداته ضد إيران ونفوذها في القضاء العراقي، وعلى زيدان تحديداً، حيث وصف ويلسون المذكرة التي وقعها عبد الأمير بأنها تهديد "لكل من ينتقد عملاء إيران"، مضيفاً أنه "من المحزن أن نرى العراق يعود إلى عقلية الدولة البوليسية التي سادت في عهد حزب البعث". وتابع التقرير أن الأمور تزايدت تعقيداً بعدما نشرت في اليوم التالي، وثيقة صادرة عن هيئة الرقابة القضائية تنقض نص مذكرة عبد الأمير، حيث انتقدت الوثيقة عبد الأمير لاستخدامه "عبارات لا تتوافق مع توجيهات رئيس المجلس (زيدان)"، كما أنها رأت أن الخطأ تسبب في "سوء فهم بين من راجعوا محتواها". واعتبر التقرير أنه بينما يظهر أن السلطات القضائية قد رفضت مذكرة 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إلا أن الجدل الذي تلا ذلك، أدى إلى تفاقم النقاش المستمر حول واجب القضاء في دعم القوانين الدستورية، مذكّراً بأن الدستور يكفل من خلال مادته 38، حرية التعبير. ولفت إلى أن المراقبين يرون أن هذه الحقوق مقيدة جراء حملات قمع حكومية، وتضييق قضائي، وترهيب تمارسه الجماعات المسلحة، مذكراً كيف أن منظمات حقوق الإنسان، وثقت بعد تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، عمليات القتل والاعتقال التي طالت مئات الناشطين على يد الأجهزة الأمنية، في حين لا تزال عمليات الاعتقال خارج نطاق القضاء والتهديدات من قبل الجماعات المسلحة تشكل مصدر قلق كبير. وبحسب التقرير، فقد سجل المرصد العراقي للحقوق والحريات تزايد استهداف المدونين والصحفيين والناشطين وغيرهم من الشخصيات العامة بسبب خطابهم السياسي خلال العامين الماضيين، حيث صدرت أوامر اعتقال تكون عادة مرتبطة بتهم التشهير أو التحريض أو إهانة مؤسسات الدولة، لافتا إلى أنه في ظل الحظر على منصات مثل "تيك توك"، فإن السلطات العراقية عززت خلال العام الماضي من حملتها ضد المحتوى "غير اللائق". وبيّن أن المنتقدين يعتبرون أن الجهات القضائية تؤيد بدرجة كبيرة تدخلات الحكومة المتزايدة في حرية التعبير، مضيفاً أن منتقدي إيران في واشنطن يتهمون القضاء العراقي بتسييس مواقفه بشكل متزايد نتيجة النفوذ الإيراني المفترض. ورأى التقرير أن النائب الأميركي ويلسون كان انتقد خلال العام الماضي المحكمة الاتحادية العليا، واصفاً إياها بأنها "غير دستورية وأصبحت أداة في يد النظام الإيراني". ودعا إلى "فرض عقوبات على النظام القضائي العراقي أو إصلاحه بالكامل". وأكمل التقرير بالقول إنه من المرجح تصاعد القلق فيما يتعلق بتراجع حرية التعبير بعد مذكرة مجلس القضاء الأعلى، بغض النظر عن الرفض الظاهر لوثيقة عبد الأمير. وتابع قائلاً إنه بينما يبدو أن الجدل قد وضع أعلى الهيئات القضائية في العراق بموقف دفاعي، فإن بعض المعلقين أشادوا بالقضاء لسرعته في الاستجابة وتوضيح موقفه، مضيفاً أنه برغم عدم الإشارة المباشرة إلى الجدل الذي اندلع حول المذكرة، فإن عدة تصريحات لكبار القضاة شددت على التزام القضاء بالحماية التي يوفرها الدستور لحرية التعبير، وأن كان ذلك ضمن حدود معينة. وخلص التقرير إلى القول أيضاً أن تدخل النائب ويلسون يظهر كيف أن الدعوة إلى حرية التعبير، قد تشكل جبهة جديدة من ضغوط واشنطن المتزايدة على العراق.