خاص _ قال الخبير الاقتصادي سامي شريم إن ما يقدّمه أغلب النواب في كلماتهم تحت القبة لا يرقى ليكون خطابًا نيابيًا محترمًا، باستثناء عدد محدود لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، مشيرًا إلى أن السمة الغالبة على الخطاب النيابي اليوم هي غياب المضمون وتراجع الدور التشريعي الحقيقي لصالح الإنشاء اللفظي والتكرار الممل الذي لا يحمل رؤية واضحة ولا موقفًا مسؤولًا، ولا يعكس وعيًا بطبيعة المسؤولية التي يفترض أن يتحمّلها ممثلو الشعب. وأوضح شريم في تصريحاته ل الأردن ٢٤ أن المشكلة لا تكمن في ضعف اللغة أو قلة البلاغة، بل في غياب الفهم العميق لمكانة البرلمان بوصفه سلطة دستورية مستقلة، من واجبها أن تراقب وتحاسب وتشرّع، لا أن تتحول إلى منصة للمديح أو الدفاع عن الحكومة أو الانحياز لخطابات فردية أو "بهلوانية” لا تخدم المصلحة العامة ولا تضيف للحياة السياسية أي قيمة حقيقية. وأضاف أن هذا الواقع يعكس أزمة أوسع في الثقافة البرلمانية، حيث يتم اختزال الدور النيابي في الظهور الإعلامي أو إلقاء الخطب الطويلة، بدل الانخراط الجاد في صياغة التشريعات، وممارسة الرقابة الفاعلة، والدفاع عن قضايا الناس اليومية ومعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية. ورغم هذا التوصيف النقدي الحاد للأداء النيابي، شدد شريم على أنه لا يؤيد حلّ البرلمان، معتبرًا أن الحل ليس علاجًا سحريًا للمشكلة، بل قد يحمل كلفة اجتماعية وسياسية كبيرة، ويعيد البلاد إلى دائرة من التوتر وعدم الاستقرار، دون وجود ضمان حقيقي بأن تفرز الانتخابات المقبلة وجوهًا جديدة أو كفاءات مختلفة. وبيّن أن التجربة أثبتت أن القوانين الانتخابية ذاتها غالبًا ما تنتج التركيبة نفسها والعقليات نفسها التي يعاني منها المشهد النيابي، وبالتالي فإن حل المجلس قد يؤدي إلى إعادة إنتاج المشكلة بدل معالجتها من جذورها. وأكد شريم أن المطلوب اليوم ليس حل البرلمان، بل إصلاح الأداء من داخل المؤسسة التشريعية نفسها، عبر تعزيز ثقافة الدور التشريعي والرقابي، وإعادة تعريف وظيفة النائب باعتباره صاحب موقف وممثلًا حقيقيًا للناس، ينقل وجعهم، ويدافع عن حقوقهم، ويتعامل مع الدولة باعتبارها مسؤولية وطنية مشتركة لا بوابة لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية. وأشار إلى أن قوة البرلمان لا تُقاس بطول الخطابات ولا بحجم المدائح، بل بالقدرة على الفعل والتأثير، وبالجرأة في الدفاع عن المصلحة الوطنية، وعندها فقط يمكن للمجلس أن يستعيد هيبته، وتستقيم الحياة السياسية في البلاد. وفيما يتعلق بحزب جبهة العمل الإسلامي، اقترح شريم دراسة تغيير اسم الحزب في ظل ما يواجهه من إشكاليات مرتبطة بالربط القائم بين جمعية الإخوان المسلمين والحزب، معتبرًا أن تغيير الاسم قد يشكّل حلًا عمليًا لتجاوز هذه الإشكالية، بدل الترويج لخيار الحل الذي من شأنه إرباك الحياة السياسية. وحذّر من أن حل الحزب، أو إحلال أعضاء الكتل الحزبية وفق عدد الأصوات، قد يفقد البرلمان ما تبقّى له من زخم وحضور سياسي، ويُضعف التعددية الحزبية داخل المجلس، بدل أن يسهم في تطويرها أو تصويب مسارها. .