50 عامًا من العطاء… "طب جامعة الإمام" تجمع أبناءها في يوبيلٍ ذهبي يكتب قصة الوفاء

في مشهدٍ امتزجت فيه الذاكرة بالوفاء، والحنين بالاعتزاز، وبرعاية معالي وزير التعليم يوسف البنيان احتفلت كلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل باليوبيل الذهبي، بمناسبة مرور خمسين عامًا على تأسيسها، في لقاءٍ استثنائي جمع خريجي الكلية من الرعيل الأول وحتى الدفعات الحالية، إلى جانب منسوبيها وضيوفها.

عاش الحضور أجواءٍ سادها التلاحم الأخوي، واسعادوا فيها مقاعد الدراسة، وبدايات الحلم، وزمالة المهنة التي جمعتهم يومًا، ولا تزال حاضرة، بحضور رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور فهد بن أحمد الحربي، ورئيس الجامعة السابق الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الربيش، وعميد الكلية الأستاذ الدكتور محمد الشهراني وعمداء كلية الطب السابقين، وعددٍ من القيادات الأكاديمية والطبية، إلى جانب نخبة من خريجي الكلية الذين وجدوا في هذا اللقاء مساحةً لتجديد العهد مع المكان الذي شكّل وعيهم المهني والإنساني مثمنين هذه المبادرة.

وأكدوا على أن كلية الطب لم تكن يومًا مجرد مؤسسة تعليمية، بل أسرة واحدة تمتد عبر الأجيال، وقصة وطنية مشرّفة في خدمة الإنسان، مجددين فخرهم بالانتماء لهذا الصرح العريق، وعزمهم على مواصلة العطاء، وحمل الرسالة، وكتابة فصولٍ جديدة من النجاح في مسيرة الخمسين عامًا القادمة.


افتتاح معرض الجامعة


الى جانب ذلك افتتح رئيس الجامعة المعرض المصاحب للاحتفال، والذي حمل عنوان «رحلة نصف قرن» ، مستعرضًا المحطات الزمنية لمسيرة الكلية منذ تأسيسها وحتى اليوم، من خلال خطٍ زمنيٍّ لعمداء الكلية، وأرشيفٍ وثّق ملامح الحياة الأكاديمية، والمناسبات والفعاليات، واحتفالات التخرج التي شكّلت ذاكرةً جمعية لأجيالٍ متعاقبة، وتضمّن برنامج الحفل استعراضًا لتاريخ تأسيس الكلية ومسيرة خريجيها، إلى جانب أوبريت غنائي وفيلم تعريفي وثّق مسيرتها العلمية والإنسانية، إضافةً إلى عرض مرئي بعنوان «رحلتي في كلية الطب»، ومشاركات مصوّرة لخريجين سابقين استعادوا فيها ذكرياتهم وتجاربهم، تلا ذلك جلسة حوارية جمعت الماضي بالحاضر، واختُتم الحفل بتكريم عددٍ من الشخصيات والروّاد.

وأكد الأستاذ الدكتور محمد الشهراني عميد كلية الطب أن هذا اللقاء لم يكن لمجرد الاحتفاء بالدراسة أو السنوات، بل للاحتفاء برسالةٍ حملها الخريجون بضميرٍ حي ومسؤوليةٍ إنسانية، مشيرًا إلى أن خمسين عامًا من عمر الكلية لم تكن أرقامًا عابرة، بل مسيرة علم، ورسالة إنسان، وصناعة أجيالٍ حملت الطب علمًا وقيمة وأضاف أن خريجي الكلية أثبتوا حضورهم في مختلف الميادين، وكانوا في الصفوف الأولى خلال الأزمات، وفي مقدمتها جائحة كورونا، مجسدين أسمى صور العطاء والانضباط والتضحية ، وأوضح أن كل روح أُنقذت، وكل ألم خُفف، وكل مريضٍ عولج، هو شاهدٌ حي على نجاح رسالة الكلية، مؤكدًا أن الطب ليس مهنة فحسب، بل التزامٌ أخلاقي، وعهدٌ دائم مع الحياة، وأن خريجي الكلية كانوا ولا يزالون ركيزةً أساسية في مسيرة التحول الصحي، وشركاء حقيقيين في تحقيق رؤية وطن يضع الإنسان في قلب التنمية.


من جانبه، عبّر الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الربيش، رئيس الجامعة السابق وعميد كلية الطب الأسبق، عن سعادته بهذا اللقاء، مرحبًا بالخريجين في «بيتهم الأول»، المكان الذي صُنعت فيه البدايات، وتشكّلت فيه الملامح، ووُضعت فيه اللبنات الأولى لمسيرةٍ مهنية حملها كل واحدٍ منهم في قلبه وعقله وحياته العملية ، وأكد أن خمسين عامًا من عمر الكلية لم تُبنَ بالجدران والمعامل وحدها، بل بقلوبٍ مؤمنة، وعقولٍ مجتهدة، وأجيالٍ تعاقبت على خدمة الإنسان والوطن ، وأشار إلى أن خريجي الكلية كانوا محل ثقةٍ وفخرٍ أينما حلّوا، داخل المملكة وخارجها، وأن إنجازات الكلية اليوم تُجسّد نجاح الاستثمار في الإنسان، من خلال اعتمادات أكاديمية دولية، وبرامج تعليمية متقدمة، ومخرجات متميزة أسهمت في تعزيز مكانة الجامعة والقطاع الصحي.

وفي كلمته، أكد رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور فهد بن أحمد الحربي أن الاحتفال باليوبيل الذهبي لكلية الطب هو احتفاء بمسيرة بناء ممتدة، وصناعة الطبيب والإنسان معًا.

وأشار إلى أن الكلية شكّلت أحد الأعمدة الراسخة في مسيرة الجامعة، وأسهمت على مدى خمسة عقود في تطوير التعليم الطبي، وتعزيز البحث العلمي، والارتقاء بالخدمات الصحية، ضمن منظومة أكاديمية وسريرية متكاملة وأوضح أن جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وبتكامل أدوارها التعليمية والبحثية والمجتمعية، تسير بثباتٍ مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، مؤكدًا أن كلية الطب كانت ولا تزال نموذجًا للالتزام والتميّز، بفضل كوادرها وقياداتها ورؤيتها الطموحة التي تستشرف المستقبل بثقة.

ولا يفوتُنَا، ونحنُ نَحتفي بهذا المُنجزِ الضّخْمِ، أن نُعبّر عن بالغِ الامتنانِ لما تُحْظى به منظومةُ التَّعليمِ والصّحّةِ في وطنِنَا الغَالي من دعْمٍ سَخِيّ ورعايةٍ منقطعةِ النَّظِيرِ من لَدُنِ القيَادَةِ الرَّشِيدَةِ - أيّدها الله - لإيمانِها الرَّاسِخِ بأنّ الاستثمارَ في الإنسانِ هو الاستثمارُ الأجدَى والأبقَى. هذا الدَّعْمُ مكّنَ الجامعاتِ من أدَاءِ دورِها، وفتحَ أمامَها آفاقَ التطوّرِ، وعزّزَ قدرتَها على التميُّزِ والابتكارِ، والمُضيّ بثقةٍ نحوَ المستقبل، في ظلِّ رؤيةٍ وطنيّةٍ جعلت الطموحَ سِمةً، والإنجازَ منهجًا، والاستدامةَ هدفًا كما نتقدّم بالشكرِ والتقديرِ لمعالي وزيرِ التعليم - حفظه الله - على رعايتِهِ الكريمةِ لهذا الحفل، وهي رعايةٌ تعكسُ اهتمامَه بما تحقّقَه الجامعاتُ من مُنجزاتٍ نوعيةٍ، وحِرصَه على دعمِ مسيرتها، وتمكينها من أداءٍ رسالتها في إعدادِ الكفاءات، وبناءِ منظومةٍ تعليميّةٍ تواكِبُ العصر، وتستشرفُ المستقبل، قادرةٍ على الإسهامِ الفاعلِ في تحقيقِ تطلعاتِ المجتمع والوطن.