شفق نيوز- ترجمة خاصة تعد اللغة الكوردية باللهجة الإيلامية (الفيلية) إحدى اللهجات الأصيلة والمتجذرة في جبال زاغروس، ورغم ما تمتلكه من إرث ثقافي وتاريخي غني، فإنها تواجه في الوقت الراهن تحديات متزايدة في مجالات التعليم والإعلام وانتقالها بين الأجيال. وأفاد تقرير لوكالة "مهر" الايرانية وترجمته وكالة شفق نيوز، بأن اللغة الأم هي ما ينبت من عمق الأرض ويتجذر في وجدان الناس؛ تلك التي يتردد صداها في تهويدات الأمهات، ويعلو بها نداء الرعاة، وتهمس قرب المواقد، وتتنفس في الكلمات اليومية البسيطة؛ لغة تولد مع كل مولود، وتكتسب لوناً جديداً مع كل جيل، وتحفظ في كل كلمة جزءاً من الماضي حياً. ومن بين هذه اللغات العريقة، تقف اللغة الكوردية كغصن قوي من شجرة ضاربة في القدم، نمت وترعرعت في قلب زاغروس، بلغة متعددة اللهجات والتفرعات، تحمل في طياتها سرد حياة أناس امتزجوا بالأرض والجبل والريح، واستمدت مفرداتهم من الطبيعة وتجارب العيش اليومية. وتعد الكوردية الإيلامية إحدى الفروع القديمة للغة الكوردية، والمنتشرة في النطاق الجغرافي لمحافظة إيلام، وتشكل جزءاً أساسياً من الهوية اللغوية والثقافية للمنطقة. لهجة متجذرة وهي لهجة متجذرة في التاريخ والبيئة الجبلية لزاغروس، حفظت عبر الأجيال من خلال الأحاديث اليومية، والطقوس الشفوية، والأدب الشعبي، وما تزال حتى اليوم، رغم التحديات التعليمية والتواصلية، حية بين أبناء إيلام، وتعد إحدى الثروات اللغوية للبلاد. وعلى الرغم من مكانتها الثقافية وخلفيتها التاريخية، تواجه الكوردية الإيلامية في السنوات الأخيرة تحديات متعددة، من بينها تراجع حضورها في الفضاء الرسمي، وتوجه العائلات إلى تعليم أبنائها اللغة الفارسية أو الإنكليزية، وإهمال اللغة الأم داخل البيوت، وغياب موقع واضح لها في النظام التعليمي؛ وهي عوامل أسهمت في إبطاء عملية انتقال هذه اللهجة إلى الأجيال الجديدة، وعرضت الصلة اللغوية بين الأجيال لخطر الانقطاع. وفي ظل هذه الظروف، تبرز العناية باللغة الكوردية الإيلامية كضرورة ملحة، كونها جزءاً لا يتجزأ من الهوية اللغوية والثقافية لإيلام، إذ إن تجاهلها قد يؤدي إلى إضعاف الروابط بين الأجيال وطمس جزء من الذاكرة التاريخية لهذه الأرض. صون اللغة الكوردية الإيلامية وفي هذا السياق، نقل التقرير عن المدير العام للتراث الثقافي والصناعات اليدوية والسياحة في محافظة إيلام، فرزاد شريفي، قوله إن اللغة الكوردية الإيلامية تعد إحدى الفروع الأصيلة للغات الإيرانية، وقد ترسخت في عمق تاريخ وثقافة سكان زاغروس، وامتد حضورها من الطقوس والروايات الشفوية إلى مفردات الحياة اليومية، لتعرف اليوم كجزء من الهوية اللغوية والثقافية لإيلام. وأكد شريفي أن الكوردية الإيلامية تمثل ضرورة ثقافية وتاريخية، مضيفاً أن هذه اللهجة تشكل جزءاً من الهوية الجمعية لأبناء المنطقة، المتجذرة في طقوسهم ورواياتهم وعالمهم الثقافي، وأن إهمالها يعني القطيعة مع الذاكرة التاريخية وإضعاف الروابط الهوياتية لإيلام. وشدد شريفي على أهمية إنتاج المحتوى الثقافي باللغة الكوردية ودعم الكتاب والفنانين العاملين في هذا المجال، موضحاً أن إنتاج كتب القصص والشعر بهذه اللهجة، وصناعة الموسيقى المحلية، وتقديم البرامج المسرحية والإعلامية، من شأنه أن ينقل اللغة الكوردية من الإطار الشفهي المحدود إلى الفضاءات الرسمية والعامة، ويعزز حضورها في وعي ولسان الجيل الجديد. وأضاف أن توسيع نطاق التعليم الرسمي وغير الرسمي للغة الكوردية يعد من الضرورات الأساسية للحفاظ على هذه اللهجة، مشيراً إلى أن إطلاق صفوف تعليمية في المدارس والجامعات، إلى جانب إقامة دورات حرة في المراكز الثقافية، يمكن أن يوفر أرضية لتعريف الشباب بلغتهم الأم وتعزيز ارتباطهم بجذورهم الثقافية. معركة البقاء وأوضح أن توفير فضاءات اجتماعية للحوار والتفاعل باللغة الكوردية يلعب دوراً محورياً في حيويتها واستمراريتها، داعياً إلى تهيئة ظروف تمكن الناس من التحدث بلغتهم الأم بحرية واعتزاز، سواء في الأوساط العائلية والمحلية أو في البرامج الثقافية والاجتماعية. وأكد أن اللغة لا تبقى حية إلا إذا كانت حاضرة في مجرى الحياة اليومية. وأشار المدير العام للتراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في إيلام إلى أن الإمكانات التكنولوجية قادرة على أداء دور مؤثر في الحفاظ على اللغات المحلية، موضحاً أن تصميم تطبيقات تعليمية، وإعداد قواميس إلكترونية، وإنتاج محتوى متعدد الوسائط باللغة الكوردية الإيلامية، يمكن أن يعزز حضور هذه اللغة في الفضاء الرقمي ويمهد لانتقالها إلى الأجيال القادمة. ودعا شريفي إلى التعاون والتكامل بين المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية لصون اللغة الكوردية الإيلامية، مؤكداً أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إعداد برامج مشتركة، وتوفير موارد مستدامة، ومشاركة فاعلة من الجامعات والمراكز الثقافية والفنانين ووسائل الإعلام، بما يضمن استمرار هذه اللهجة واستعادة اللغة الأم لأبناء إيلام مكانتها اللائقة في المجالات الرسمية والاجتماعية. الأدب المحلي والكتاب الشباب من جانبه، قال مدير العام للثقافة في محافظة إيلام، علي هلشي، إن اللغة الكوردية الإيلامية تعد إحدى الفروع الأصيلة للغات الإيرانية، وقد ترسخت في تاريخ وثقافة سكان زاغروس، وامتد حضورها من الطقوس والروايات الشفوية إلى مفردات الحياة اليومية. وأضاف أن هذه اللغة ليست مجرد أداة للتواصل، بل تمثل جزءاً من الهوية اللغوية والثقافية لأهالي المنطقة، وأن الحفاظ عليها يعني صون الذاكرة التاريخية وتعزيز الوعي الثقافي للمجتمع الإيلامي. وأشار هلشي إلى النمو اللافت للأدب في إيلام خلال السنوات الأخيرة، موضحاً أن أدب المحافظة استطاع تجاوز الحدود الجغرافية في مختلف أبعاده، ليغدو راية للهوية اللغوية والثقافية المشتركة للمنطقة. ولفت إلى أن حضور الكتاب الشباب، ونشر الأعمال القيمة، والنظرة الجديدة إلى السرديات المحلية، كلها مؤشرات على الإمكانات الأدبية العالية التي تمتلكها إيلام، مؤكداً أن هذا المسار يتطلب دعماً متواصلاً للناشطين الثقافيين والأدبيين في المحافظة. وبين هلشي أن الهدف من تنظيم فعالية جائزة الأدب الكوردي هو اكتشاف المواهب الجديدة، وتعزيز الحراك الأدبي في المحافظة، وخلق الدافعية لدى الجيل الشاب، موضحاً أن هذا المهرجان لا يقتصر على كونه جائزة أدبية فحسب، بل هو مبادرة ثقافية لصون اللغة والأدب والذاكرة التاريخية لأهالي إيلام المثقفين. وأكد أن الأعمال المقدمة في هذه الفعالية يروي كل منها جانباً من الهوية الثقافية والجذور اللغوية ورؤية العالم لدى سكان هذه الأرض، وأن استمرار مثل هذه البرامج يمكن أن يؤدي دوراً فاعلاً في ترسيخ مكانة اللغة الكوردية الإيلامية في المجالات الرسمية والفنية. وتعد اللغة الكوردية الإيلامية، بوصفها إحدى اللهجات المتجذرة والمكونة للهوية في منطقة زاغروس، ليس مجرد تراثاً لغوياً، بل رأس مال ثقافي يتطلب استمراره حضوراً فاعلاً في الميادين الرسمية والتعليمية والفنية والإعلامية؛ لغة تشكلت في عمق الطقوس والروايات وعالم العيش لأبناء إيلام. واليوم تحتاج هذه اللغة، من أجل بقائها وحيويتها، إلى دعم مؤسسي، وإنتاج محتوى هادف، وتعليم الأجيال الشابة، وتعزيز الفضاءات الاجتماعية، كي تظل جارية في نهر الحياة اليومية وتحافظ على مكانتها المستحقة في الذاكرة الثقافية والهوياتية لهذه الأرض.