نحن لا نواجه مجرد طفرة في تكنولوجيا المعلومات، بل نشهد بزوغا لعصر العدمية الرقمية؛ حيث تذبح الحقيقة بدم بارد على مذبح الخوارزميات التوليدية. إن التزييف العميق اليوم ليس مجرد خدعة بصرية، بل هو انقلاب بنيوي على مفهوم الواقع، يحول الفضاء العام إلى مختبر ضخم لهندسة الإدراك الجمعي وتفكيك سيادة الدول من داخل شاشاتها. في الأردن، لم يعد التحقق من المحتوى ترفا تقنيا، بل غدا معركة وجود سيادي في فضاء سائل، تنتج فيه الأكاذيب بدقة بيولوجية تضلل العين وتخترق الوجدان، مما يجعل استعادة زمام المبادرة الرقمية ضرورة قصوى لتأمين النسيج الوطني من شظايا الحقيقة المشوهة التي تنفجر في وجه الوعي كل ثانية.