اكد الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد، أن "ما تشهده الضفة الغربية من عمليات قتل عشوائي وموجات تهجير قسري يشير بوضوح إلى انتقال الاحتلال من مرحلة هندسة الجغرافيا إلى مرحلة هندسة الديموغرافيا". ويوضح أبو زيد أن "تقريرًا حديثًا لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) كشف عن تهجير نحو 35 ألف فلسطيني من مخيمات شمال الضفة الغربية خلال الشهر الماضي وحده، ما يعكس حجم التحول الجذري في سياسة الاحتلال خلال العام الأخير". ويضيف أن "قوات الاحتلال استكملت خلال السنوات الماضية عملية إعادة تشكيل الجغرافيا في الضفة الغربية عبر ضم مساحات واسعة من المنطقة (ج)، من خلال البؤر الاستيطانية، قبل أن تنتقل إلى مرحلة تشريعية واسعة شملت إلغاء قانون التقادم في قلنديا، والسماح بإقامة بؤر استيطانية جديدة، إلى جانب رفع ميزانية الاستيطان إلى مستويات غير مسبوقة". ويشير أبو زيد إلى أن "الاحتلال يعمل اليوم على تقسيم الضفة الغربية إلى أربعة مربعات جغرافية عبر شبكة طرق استراتيجية، أبرزها شارع (90) بمحاذاة الحدود الأردنية، وشارع (60) الذي يشق الضفة من الشمال إلى الجنوب، وشارع (1) الذي يربط شرق الضفة بغربها مرورًا بالقدس وصولًا إلى تل أبيب". وبحسب أبو زيد، تُحكم هذه الشبكة السيطرة على حركة الفلسطينيين، وتحوّل الضفة الغربية إلى "جزر سكانية منفصلة يجري التعامل معها كملفات ديموغرافية مستقلة، في إطار عملية (تهجير ناعم) تدفع الفلسطينيين من مثلث جنين–طوباس–طولكرم باتجاه الجنوب". ويؤكد أن "هذا المسار يهدف إلى فرض واقع جغرافي جديد بالقوة، يتبعه إعادة توزيع ديموغرافي قائم على إيجاد بيئة طاردة للسكان عبر القتل والعنف والتضييق الممنهج". ويحذّر أبو زيد من أن "أخطر ما في هذه المرحلة يتمثل في الضغط المتزايد على المناطق التي يقطنها فلسطينيون يحملون جوازات سفر أردنية، في محاولة لدفعهم تدريجيًا باتجاه الحدود". ويقول إن "ما يجري لا يشبه التهجير الكلاسيكي الذي شهدته فلسطين عامي 1948 و1967، بل هو (تهجير ناعم) يتدرّج ببطء ومن دون إعلان رسمي أو عمليات طرد واسعة، ويعتمد على سياسة التآكل البطيء لدفع السكان نحو الأردن". وفي السياق ذاته، استشهد فلسطينيان مساء السبت برصاص قوات الاحتلال في بلدتي قباطية والسيلة الحارثية غرب جنين، شمالي الضفة الغربية. ومنذ بدء حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية أكثر من ألف و 100 فلسطيني، وأصاب نحو 11 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 21 ألف فلسطيني. كما خلّفت حرب الإبادة في غزة نحو 71 ألف شهيد و171 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن دمار هائل، قدّرت الأمم المتحدة كلفة إعادة إعماره بنحو 70 مليار دولار. .