تسـلّقـوا جبـل نيتـاهـا . . !

العبارة أعلاه أطلقها الأميرال الياباني " ياما موتو "، بتاريخ الأول من ديسمبر 1941، فكانت هي الرمز الذي يعني لسلاح الجو الياباني، الاستعداد للهجوم على الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر. وهذا الهجوم الذي أوقع كارثة بالقوات البحرية الأمريكية، كان السبب الرئيسي في انضمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحلفاء ضد قوات المحور، في الحرب العالمية الثانية. لقد كانت هناك خلافات تحت السطح بين اليابان والولايات المتحدة. فاليابان كانت تحارب الصين لمدة أربع سنوات، إذ كانت تعاني مشكلات اقتصادية عميقة، وتحتاج إلى خام الحديد والنفط والأرز والسكر، فوجدت مصالحها في جنوب شرق آسيا. إلا أن الولايات المتحدة كانت تقف لها بالمرصاد، حتى بات الاقتتال بينهما وشيكا. جرت مفاوضات بين الطرفين في واشنطن، لكنها لم تسفر عن نتيجة، لاسيما وأن اليابان تطلب من أمريكا عدم التدخل في نزاعها مع الصين، وعدم اعتراضها على حرية اليابان، في الوصول إلى المواد الأولية. إلاّ أن الرئيس الأمريكي روزفلت، تعنت في الموافقة على طلباتها قائلا : " هؤلاء الصفر لا يحق لهم فرض شروطهم علينا ". وفي صباح 7 ديسمبر 1941، انطلقت أول موجة من القوات الجوية اليابانية، في طريقها إلى ميناء بيرل هاربر، لتصنع الكارثة التي حلت بالأسطول الأمريكي، والتي قال على أثرها الرئيس الأمريكي روزفلت : " يا لهم من صفر لقطاء . . جعلوا هذا اليوم يوم عار على الولايات المتحدة الأمريكية ". نتج عن ذلك الهجوم، تدمير القواعد الأمريكية الست المحيطة بميناء بيرل هاربر، بما كان جاثما عليها من طائرات حربية. إذ تم تدمير 88 طائرة، وإعطاب 159 طائرة أخرى، وقتل 2400 جندي أمريكي، وإصابة 1200 آخرين بجراح. بينما لم يفقد اليابانيون في هذه العملية الجريئة والمفاجئة، سوى 29 طائرة، ومقتل 55 جنديا. وعلى إثر ذلك الهجوم، استيقظ المارد الأمريكي العملاق من غفوته، وقرر أن يثأر لكرامته من تلك الجريمة، فدخل الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء، ضد دول المحور والتي كان من بينها اليابان، بعد أن كان رافضا ذلك قبل هذا الهجوم. وكان متوقعا قيام الأمريكان بضربة معاكسة ردا على ما حدث. إلا أن ياما موتو بدلا من انتظار رد الفعل الأمريكي، قرر أن يستبق ذلك بضربة ثانية، وجهها إلى جزر تيمور في فبراير1942، ثم جزيرتي بالي وسومطرة، مما اضطر القوات البريطانية والهولندية المتمركزة هناك إلى الهرب واللجوء إلى الأدغال، للنجاة من الهلاك أو الأسر. إضافة لذلك فقد أرسل ياما موتو غواصة يابانية إلى المياه الأمريكية، حيث طفت أمام مدينة لوس أنجلوس وأطلقت قذائفها على شواطئ كاليفورنيا، لأول مرة في التاريخ الأمريكي. استمرت المعارك والاشتباكات المتفرقة بين الطرفين في الفترة اللاحقة، وتمكن الأمريكان من حل الشيفرة اليابانية، فقرروا التخلص من القائد الياباني ياما موتو، الذي كبدهم كل هذه الخسائر، وذلك بإسقاط الطائرة التي كان يستقلها في تنقله إلى إحدى القواعد الجوية، وكان لهم ذلك بتاريخ 18 ابريل 1943. وبعد أن توفي الرئيس فرانكلين روزفلت في شهر ابريل 1945، تولى الرئاسة الأمريكية بعده الرئيس هاري ترومان، والذي أمر بإلقاء القنبلتين الذريتين على اليابان بتاريخ 6 و 9 آب 1945، الأمر الذي أدى إلى استسلامها للأمريكان دون قيد أو شرط. وقد أدي هذا القصف لوفاة 140 ألف شخص في مدينة هيروشيما، و80 ألف شخص في مدينة ناجازاكي. هذا عدا عمن توفوا لاحقا متأثرين بالجروح والحروق والإشعاعات الذرية التي أصابتهم. * * * التعليق : هكذا يدمّر بعض الزعماء الدكتاتوريين أوطانهم، ويسببوا لها الكوارث بقرارات غير محسوبة العواقب. وهناك نماذج مشهودة لمثل تلك القرارات، وقعت في دولنا العربية، منذ نصف القرن الثاني وحتى اليوم . . ! لقد أوضح القائد الألماني " فون مولتكه " مآسي الحرب بحكمته التالية : " إن كل حرب . . حتى تلك المكللة بأبهى حلل النصر . . هي كارثة للشعب . . لأن ربح الأرض والمال، لا يعوضان عن حياة الرجال . . ولأنها لا تبدل المصيبة والبلوى للثكلى أو المفجوع ". فهل من معتبر ؟ .