في عام 2004، غادر المصري عماد النحاس، مدرب فريق الزوراء العراقي الأول لكرة القدم، بلاده مصر للمرة الأولى، متجهًا نحو أرض لم يعتد أنفاسها ولا شمسها الحارقة، ليخوض تجربة احترافية قصيرة مع النصر، بعيدًا عن دفء الوطن وصخب الجماهير المصرية. ولد عماد النحاس في 15 فبراير 1976 وسط محافظة المنيا في صعيد مصر، حيث الحقول الخضراء، والأراضي الزراعية تحيط بالحياة اليومية، بعيدًا عن صخب المدن، وبدأ موهبته تظهر في الملاعب المحلية، ثم انتقل إلى أسوان عام 1996، قبل أن يلتحق بالإسماعيلي في 1998 رغم عروض من الأهلي والزمالك، وأسهم هناك في الفوز بالدوري موسم 2001ـ2002، وسجل أهدافًا حاسمة، وقاد الفريق إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا 2003. انتقل على سبيل الإعارة إلى النصر في 2004 لستة أشهر، خاض خلالها عشر مباريات، أضاف فيها خبرات جديدة بعيدًا عن الدوري المصري، وأكد في تصريحات لاحقة أنها كانت فرصة احتراف طبيعية، ثم عاد ووقع مع الأهلي في صفقة كبيرة، ليصبح عمادًا دفاعيًا، ويحقق ألقابًا محلية وقارية متعددة، بما فيها المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2006، واعتزل هناك عام 2009. النحاس الذي يقترب طوله من 184 سنتيمترًا، فيما يقارن أسلوبه بمدافعين كبار بفضل قدرته على التمرير الطويل وقراءة الملعب، وبعيدًا عن الملاعب يركز على عائلته، إذ غاب عن مباراة قارية بسبب حادث سير لنجله، وفي تصريحات تلفزيونية عبر عن ارتباطه بالأهلي، قائلاً إنه حزن لمغادرته رغم قدرته على تقديم المزيد. انتقل النحاس إلى التدريب بدءًا من أسوان الذي أعاده إلى الدوري الممتاز، ثم المقاولون العرب والاتحاد السكندري وطلائع الجيش، وقاد الأهلي مؤقتًا في فترتين دون هزيمة في إحداهما، قبل أن يتعاقد مع الزوراء في أكتوبر الماضي، ليبدأ مغامرة في بغداد مع أحد أعرق الأندية العراقية. يطل النحاس في «الأول بارك» مستحضرًا تلك الليالي التي قضاها تحت أنظار الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود رمز النصر، وبرز كصمام أمان بجوار أسماء حفرت ذكراها في وجدان النصراويين مثل الحارس محمد الخوجلي، والمدافعين حمد الصقور وهادي شريفي ومحسن الحارثي، وصالح الداود، وناصر الحلوي. واليوم بعد أكثر من 21 عامًا، يعود إلى الرياض مجددًا وقد خط الشيب مفرقه، لكنه لا يرتدي القميص رقم 4 ولا يربط حذاءه لضبط إيقاع الدفاع، بل يقف على خط التماس بوقار المدرب، قائدًا لنادي الزوراء العراقي في مواجهة «العالمي»، الفريق الذي احتضن باكورة اغترابه وكسر فيه حاجز الخوف من المجهول.