ترك برس سلّط برنامج برنامج "المسائية" على شاشة قناة "الجزيرة مباشر"، الضوء على أبعاد الحادثة وتداعياتها السياسية والأمنية، في وقت تتواصل فيه التحقيقات التركية والليبية لتحديد أسباب سقوط الطائرة، بعد العثور على الصندوق الأسود خلال ساعات من الحادث. وأثار سقوط الطائرة التي كانت تقل رئيس الأركان الليبي وعددا من كبار القادة العسكريين تساؤلات واسعة حول إجراءات تأمين الرحلة، في ظل وجود رئيس الأركان، ورئيس أركان القوات البرية، ومدير التصنيع الحربي، ومستشار رئيس الأركان على متن طائرة واحدة، وهو ما اعتبره محللون أمرا بعيدا تماما عن أبجديات أمن كبار مسؤولي الدولة. وشدد الدكتور علي باكير، أستاذ الشؤون الدولية، على أن الحادثة كشفت خللا واضحا في الإجراءات الأمنية الليبية، سواء من حيث جمع هذا العدد من القيادات العسكرية الرفيعة في طائرة واحدة، أو الاعتماد على طائرة مستأجرة في رحلات حساسة. واعتبر أن هذه الواقعة قد تدفع إلى مراجعة شاملة لبروتوكولات السفر وتأمين الوفود الرسمية مستقبلا، بالتعاون مع الشركاء الدوليين. فحص الصندوق الأسود وقال باكير، إن إعلان السلطات التركية فحص الصندوق الأسود في دولة ثالثة محايدة يندرج في إطار اعتماد أعلى معايير الشفافية، ويهدف إلى كشف الحقيقة كاملة حول أسباب الحادث، ووضع حد للشائعات أو نظريات المؤامرة التي جرى تداولها. وأكد أن أنقرة تعهدت بإعلان نتائج التحقيق للرأي العام بشكل مهني وعلني مهما كانت طبيعتها. وأضاف باكير أن نتائج التحقيق وحدها هي التي ستحدد ما إذا كان سقوط الطائرة ناجما عن خلل فني أو سبب آخر، نافيا حسم الجانب التركي لأي استنتاج مسبق، ومشيرا إلى أن الحديث عن استهداف متعمد يبقى في إطار التحليل إلى أن تظهر النتائج النهائية. سيناريو الاستهداف المتعمد من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد السلام الراجحي إن سيناريو الاستهداف المتعمد لا يمكن الجزم به في الوقت الراهن، لافتا إلى أن برج المراقبة في مطار أنقرة تلقى نداءات استغاثة من قائد الطائرة أبلغ فيها عن خلل فني وعطل كهربائي، وطلب الهبوط الاضطراري قبل سقوطها. وأوضح أن الطائرة مستأجرة وتتبع شركة مالطية، وطاقمها من جنسيات مختلفة، وكانت تستخدم في رحلات رسمية ليبية متكررة، مما يستدعي انتظار نتائج التحقيق الفني قبل تبني أي رواية. وأشار الراجحي إلى أن فريقين من تركيا وليبيا، يحققان في الحادث، مؤكدا أن العثور المبكر على الصندوق الأسود يعزز فرص الوصول إلى نتائج دقيقة وشفافة، خاصة في ظل تعدد الجنسيات بين الضحايا وطاقم الطائرة. عطل كبير ومفاجئ وفيما يتعلق بالجانب الفني، أوضح الباحث في العلاقات التركية الليبية خورس دانغل أن الطائرة من طراز "فالكون"، وهي مصممة للعمل في ظروف صعبة وتحتوي على أنظمة بديلة، مما يرجح أن العطل الذي أصابها كان كبيرا ومفاجئا، وربما شمل أنظمة حيوية مثل الكهرباء والملاحة، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان السيطرة خلال وقت قصير. ورأى دانغل أن التركيز في هذه المرحلة يجب أن ينصب على التصريحات الرسمية والوقائع الفنية، لا على فرضيات التخريب، مؤكدا أن العلاقات التركية الليبية عميقة وممتدة تاريخيا، وأن الحادثة، رغم قسوتها، لن تقوض أسس هذه العلاقات، وإن كانت قد تفرض مرحلة انتقالية مؤقتة على المستوى العسكري. وفيما يخص انعكاسات الحادث على العلاقات التركية الليبية، اتفق المحللون على أنها علاقات إستراتيجية ومتعددة المستويات، تشمل السياسة والاقتصاد والدفاع، ولن تتأثر جذريا بسقوط الطائرة، رغم الخسارة الكبيرة التي يمثلها فقدان قيادات عسكرية بارزة، مؤكدين أن المرحلة المقبلة ستشهد على الأرجح تشديدا للإجراءات الأمنية وتعديلات في آليات التنسيق العسكري والزيارات الرسمية. هذا وكشفت بيانات مواقع تتبع الملاحة الجوية تفاصيل جديدة عن الدقائق الأخيرة التي سبقت تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي الفريق أول محمد علي الحداد، بعد إقلاعها من العاصمة التركية أنقرة، حيث أرسلت الطائرة نداء استغاثة قبل أن تنقطع إشارتها بشكل مفاجئ، وتنتهي رحلتها بانفجار عنيف في منطقة هايمانا، وسط تحقيقات تركية لكشف ملابسات الحادث. وفي وقت سابق، قال وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا إن قوات الدرك التركية عثرت على حطام الطائرة التي أقلعت من أنقرة على بعد كيلومترين جنوب قرية كيسيكافاك في منطقة هايمانا. وأضاف وزير العدل التركي يلماز تونش، أن نيابة أنقرة باشرت تحقيقا بشأن حادث تحطم الطائرة الليبية. وأفاد مصدر حكومي تركي للجزيرة أن أنقرة أبلغت الجانب الليبي بأن جميع ركاب الطائرة التي كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي و4 آخرين لقوا مصرعهم وتم العثور على الجثث والحطام.