قدّم الخبير العقاري رئيس لجنة العقار بجمعية رجال الأعمال البحرينية ناصر الأهلي قراءة للقرار رقم 2 للسنة 2025، المنشور في الجريدة الرسمية، الذي أصدره مجلس إدارة مؤسسة التنظيم العقاري ليضع إطارا قانونيا شاملًا ينظم إدارة الأجزاء المشتركة في العقارات التي لا تُدار عبر اتحاد الملاك، ويؤسس لمنظومة متكاملة تضبط العلاقة بين المطوّرين والملاك، وتحدد آليات إدارة وتشغيل وصيانة المرافق المشتركة، إلى جانب تنظيم الالتزامات المالية، وتفعيل دور لجان الملاك، وإرساء إجراءات تنظيمية واضحة للإعفاء أو التنحي عن الإدارة. وأكد الأهلي أن إدارة الأجزاء المشتركة في أي مشروع عقاري تعد عنصرا محوريا في الحفاظ على جودة المشروع وصيانته بما يضمن الراحة والأمان للمشترين، وأشار إلى أن قانون التنظيم العقاري أسند هذه المهام لاتحاد الملاك المكوّن من المشترين والمستثمرين، وهو النظام المتبع في غالبية المشاريع العقارية، إلا أن التجربة العملية أظهرت وجود تحديات ومعوقات في إدارة بعض المشاريع ذات الطابع الخاص أو ذات الحجم الكبير، التي يصعب على اتحاد الملاك إدارتها بكفاءة؛ ما استدعى تعديل التشريعات وإصدار تنظيم خاص لهذا النوع من المشاريع يتيح للمطور الرئيس إدارة الأجزاء المشتركة نظرًا لقدراته الفنية والإدارية وخبرته في هذا المجال. وأوضح الأهلي أن أبرز ما جاء به القرار هو منح المطور الرئيس الحق في إدارة المشروع وفق أنظمة وضوابط حددها المشرّع، عبر القرار رقم 2 للسنة 2025 الصادر عن مؤسسة التنظيم العقاري. ويرى أن القرار يصب في مصلحة المستثمرين والمشترين، إذ لم يستبعد الملاك من المشاركة، بل أتاح لهم دورا عبر لجنة تشاورية خاصة تمتلك صلاحيات في مناقشة القرارات، مع بقاء القرار النهائي بيد المطوّر، وهو ما يراه الأهلي ضرورة لحماية المشاريع والحفاظ على أجزائها المشتركة بما يحقق المصلحة العامة. كما أشار إلى أن القرار مكّن المطور من إنشاء شركة متخصصة تتولى إدارة اتحاد الملاك والأعمال المرتبطة بالأجزاء المشتركة، مع منحها الصلاحيات اللازمة لتعيين الكفاءات الفنية والمهنية من مهندسين ومحاسبين وغيرهم، وذلك تحت إشراف مؤسسة التنظيم العقاري التي تتولى الرقابة والتدخل عند تلقي أي شكاوى من لجنة الملاك المختصة، لافتا إلى أن القرار من شأنه الحد من النزاعات، ولاسيما في المشاريع العقارية الكبيرة والمغلقة التي تتطلب خبرات متخصصة لإدارة الأجزاء المشتركة. ولفت إلى أن التجارب في دول الجوار وفي البحرين أثبتت نجاح نماذج مماثلة في تقليل المنازعات القضائية ورفع كفاءة الإدارة، وهو ما استهدفته مؤسسة التنظيم العقاري عبر هذا القرار، كما بيّن أن القرار اشترط تقديم طلب الحصول على الترخيص لإدارة الأجزاء المشتركة للمؤسسة، التي تتولى تقييم قدرة المطور على الإدارة أو توجيهه نحو نظام اتحاد الملاك عند الحاجة، بما يعزز حماية حقوق المشترين والمستثمرين. وأضاف أن الحد من النزاعات والحفاظ على مسار التفاهم بين المشترين والمطورين يعد هدفا أساسيا لأي قطاع عقاري، مشددًا على أن القرار الجديد ينعكس إيجابا على استدامة ونمو المشاريع العقارية ويعزز الطمأنينة لدى جميع الأطراف. وفي سياق متصل، لفت الأهلي إلى أن القرار من شأنه خلق بيئة صحية بين مختلف الأطراف عبر الاحتكام إلى النظام والقانون، إلا أن أحد أبرز الإشكالات المتكررة في بعض المشاريع يتعلق بالرسوم التي تُحصّلها شركات إدارة اتحاد الملاك والمطورون، التي غالبا ما تُشكّل محور خلاف، ودعا إلى مزيد من الوضوح في تحديد هذه الاشتراكات منذ بداية المشروع تفاديا لأي نزاعات مستقبلية. كما نبّه إلى ضرورة الانتباه لبعض التعديلات الإنشائية التي قد يُدخلها المطوّر على النظام الأساسي للمشروع دون الرجوع للمشترين، كإضافة غرف أو مرافق خاصة بغرض استثمارها لصالحه بدعوى مسؤوليته عن إدارة الأجزاء المشتركة، وهو أمر حدث في بعض المشاريع ويتمنى عدم تكراره في المشاريع التي يشملها القرار الجديد. واختتم الأهلي قراءته مؤكدا أن نجاح تطبيق القرار يعتمد على التزام طرفين رئيسين: أولا: المطوّر، الذي ينبغي عليه الالتزام ببنود القرار، والتشاور مع لجنة الملاك قبل اتخاذ أي خطوة، إلى جانب عقد اجتماعات دورية مع المشترين والمستثمرين لإطلاعهم على مستجدات إدارة الأجزاء المشتركة بما يعزز العدالة والشفافية، وثانيا: مؤسسة التنظيم العقاري، التي يتوجب عليها مراقبة أعمال الشركة المعنية بإدارة الأجزاء المشتركة، وتطبيق خطة رقابية صارمة تضمن تنفيذ القرار وفق بنوده، واتخاذ الإجراءات بحق المخالفين بعد التحقق من الشكاوى. وبذلك، يؤكد الأهلي أن القرار يُشكل خطوة مهمة تدعم قطاع التطوير العقاري وتحقق الأهداف المنشودة في تعزيز جودة المشاريع وضمان استدامتها وحماية حقوق جميع الأطراف. وعلى صعيد متصل، يشار إلى أن القرار رقم 2 للسنة 2025 يُعد من أهم الأدوات التنظيمية الحديثة في القطاع العقاري؛ إذ وضع إطارا قانونيا مُفصلا لإدارة الأجزاء المشتركة في العقارات خارج نطاق اتحادات الملاك، مستندا إلى قانون تنظيم القطاع العقاري رقم 27 للسنة 2017 وتعديلاته؛ بهدف تعزيز الحوكمة والشفافية وضمان حسن إدارة المرافق المشتركة، وتضمن منظومة دقيقة تشمل: ترخيص المطورين قبل تسويق الوحدات عبر اشتراط تقديم مخططات واضحة ولائحة لإدارة الأجزاء المشتركة، مع تحديد مدة البتّ في الطلبات وتنظيم إجراءات التنازل عن الترخيص، وواجبات المطور أو المرخص له في إدارة وتشغيل وصيانة الأجزاء المشتركة، وتعيين مدقق حسابات سنوي، وتحصيل الاشتراكات، والتأمين وإمساك سجلات مفصلة مدة عشر سنوات، وضوابط مالية واضحة لرسوم الاشتراكات، مع تحديد سقف الزيادة بنسبة لا تتجاوز 15 % فوق التكلفة الفعلية، وعدّ قرارات السداد سندات تنفيذية، وفرض التزامات على الملاك بالسداد مقابل خدمات التشغيل والصيانة، والتزامات طويلة المدى كإعداد دراسة للصيانة المستقبلية تُحدث كل خمس سنوات، وفتح حساب مصرفي خاص للاشتراكات لا يجوز الحجز عليه، وتنظيم إجراءات إعفاء المطور أو تنحيه في حالات الإخلال أو بناءً على طلب الملاك، مع ترتيب نقل العهدة والوثائق للجهة الجديدة، وإعادة تنظيم لجان الملاك من 3 إلى 9 أعضاء بصلاحيات واسعة تشمل الرقابة والتشاور مع المطور والموافقة على تغييرات الإدارة ورفع الملاحظات للمؤسسة، والتزام جميع الأطراف بتعليمات مؤسسة التنظيم العقاري وتقديم البيانات المطلوبة في المواعيد المحددة. هذا، ويُمثل القرار نقلة تشريعية تعزز الاستدامة والشفافية في إدارة المشاريع العقارية، وتضمن حماية حقوق الملاك والمطورين وتحسين جودة المرافق المشتركة في المشاريع الحالية والمستقبلية.