«فاكهة الشتاء» المميتة!

«ليل الشتا ما له سوى شبّة النار *** لا زاد برد الليل زدنا حطبها».. في ليالي الصقيع حين يشتد البرد، وتحتفي المجالس بأمسيات السمر وحديث الذكريات، فإن «شبّة النار» في ركن خيمة منزوية في الصحراء تصبح «فاكهة الشتاء» التي لا استغناء عنها.وعلى الرغم من تاريخها منذُ عصور، إلا أن استخدامها في الأماكن المغلقة قد يتحول إلى مأساة تخلف ضحايا لا يدرون أن القاتل الصامت يتربص بهم بمجرد إشعال قطع من الحطب في «المشبّ»، أو ترك الفحم مشتعلاً داخل غرف النوم ووسط خيام المبيت المغلقة.وزارة الصحة والدفاع المدني يواصلان نشر رسائل التنبيه والتحذير عن مخاطر إشعال النار لغرض التدفئة موضحين أن: «‏شبّة النار هي فاكهة الشتاء، ولكن مطلوب الحذر»، فالتعرض لغاز أول أكسيد الكربون الذي يتصاعد من الخشب والفحم تتمثل في الصداع والدوار والغثيان والتقيؤ وآلام الصدر وفقدان الوعي، وقد يسبب الوفاة دون أعراض مسبقة. غاز سام غير مرئيتخلف «الشبّة» المحببة للأنفس أدخنة قاتلة تحاصر ضحاياها بصمت، قبل أن تطبق عليهم دون أن يشعروا بها فتتركهم مصابين بتلف مزمن في الدماغ، أو موتى، فالدخان قاتل صامت يتسلل لضحاياه ويؤثر على خلايا مخ الإنسان بعد استنشاقه ويؤدي إلى خمول وتثاقل يعجز فيه مستنشقه عن القيام أو الوقوف أو حتى طلب الاستغاثة وقد يسقط ميتاً خلال دقائق.وتتجدد التحذيرات والتنبيهات في كل عام مع اشتداد برد الشتاء، وتنبه الجهات المعنية الى عدم استخدام الحطب والفحم للتدفئة داخل أماكن مغلقة لإنتاجه غاز أحادي أكسيد الكربون وهو «غاز سام وغير مرئي وعديم الرائحة» وقد يسبب الوفاة تحديداً مع الأشخاص النائمين.الرحيل في دقائقوصف خبراء الدفاع المدني غاز أول أكسيد الكربون بأنه غاز سام عديم الرائحة وعديم اللون. ومن المستحيل رؤية الأبخرة السامة أو تذوقها أو شمها، فيمكنه قتل الشخص الذي يتعرض له قبل أن يدرك وجوده في المنزل أو يشعر به، وتختلف آثار التعرض لغاز أول أكسيد الكربون بين الأشخاص حسب عمر المصاب، وحالته الصحية، وفترة التعرض للغاز.وأكد الدفاع المدني ضرورة اتباع إرشادات وتعليمات السلامة عند استخدام الفحم والحطب للتدفئة، وشدد على أهمية إطفاء النار الناتجة عن الفحم والحطب عند الخروج من المنزل، والحذر من النوم أثناء اشتعالها؛ فاحتراق الفحم والحطب ينتج غاز أول أكسيد الكربون، الذي يسبب الاختناق والموت عند إشعاله في الأماكن المغلقة، ويؤثر على خلايا مخ للإنسان ويؤدي إلى خمول وتثاقل يعجز فيه مستنشقه عن القيام أو الوقوف أو حتى طلب الاستغاثة وقد يسقط ميتاً خلال دقائق.ويؤكد الدفاع المدني أن إشعال الفحم أو الحطب يجب أن يتم في الخارج بعيداً عن المواد سريعة الاشتعال؛ كالفرش أو الملابس أو رواق المخيمات، وعدم إشعالها في الأماكن المغلقة، وفي حالة إدخال الفحم أو الحطب إلى المكان المراد تدفئته يجب فتح النوافذ والأبواب لتمرير تيار الهواء النقي لتفادي الاختناق أو التسمم بغاز أول أكسيد الكربون، وأن يتم التأكد من إطفائهما عند النوم.احذر حرارة الخيمةحذّر عالم أبحاث المسرطنات الدكتور فهد الخضيري، من مخاطر ارتفاع درجة حرارة الغرفة أو الخيمة إلى ما يزيد على 33–35 درجة مئوية، مؤكداً أن ذلك قد يؤدي إلى نقص الأكسجين وحدوث اختناق قد يتطور إلى غيبوبة أو وفاة.وأوضح أن ارتفاع الحرارة يتسبب في صعود ذرات الأكسجين إلى أعلى المكان لكونها ذرات خفيفة منفردة، ما يؤدي إلى انخفاض تركيز الأكسجين عند مستوى الإنسان النائم داخل الغرفة أو الخيمة، في المقابل يهبط غازا أول وثاني أكسيد الكربون إلى الأسفل نظراً لكونها أثقل من الأكسجين.وأشار إلى أن هذا الخلل في توزيع الغازات قد يسبب نقص الأكسجين والاختناق، خصوصاً في الأماكن المغلقة، مبيناً أن السبب الرئيسي في مثل هذه الحالات يعود إلى سوء استخدام وسائل التدفئة وعدم توفر التهوية الكافية.وشدّد الخضيري على أهمية التهوية الجيدة عند استخدام وسائل التدفئة داخل الغرف أو الخيام، والالتزام بإرشادات السلامة؛ حفاظاً على الأرواح وتجنب الحوادث الخطرة.الكهربائية أفضل.. بشرط!الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي أوضح أن البعض لا يعلم بما يخلفه احتراق الحطب والفحم، لهذا يتساهلون حيال التعامل معها طلباً للدفء والاستمتاع بالأجواء الشتوية، دون أن يدركوا أنه قد يقتل نفسه ومن معه خلال دقائق وجيزة باستخدام «القاتل الصامت»، وهو ما يعرف بالقاتل الخفي الذي لا يُشاهد.وبيّن المطرفي أن ما يصدر عن الحطب والفحم من غاز أول أكسيد الكربون يكفي لقتل الإنسان في حال عدم معرفة كيفية التعامل الصحيح مع تلك المواد، فالمكوث داخل غرفة أو خيام قليلة التهوية ولساعات طويلة أو النوم و«شبّة النار» تعمل أو الفحم قد يؤدي إلى الموت، ونبّه إلى أن استخدام الحطب والفحم داخل المنازل يسبب الاختناق بسبب أول وثاني أكسيد؛ نتيجة انخفاض نسبة الأكسجين في الجسم خصوصاً لكبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض التنفسية.وشدد اللواء متقاعد المطرفي على أن الدفايات الكهربائية من أكثر الوسائل الآمنة؛ شريطة اختيار الوصلات الكهربائية الصحيحة والموثوقة والمضمونة من قبل المواصفات السعودية، ما يجعلها أكثر أمناً من الحطب والفحم.