قصة ثلاثة طلاب جامعيين صنعوا تاريخا فريدا

قبل نحو خمسة عشر عامًا، لم يكونوا سياسيين محترفين ولا أبناء نخب حاكمة، بل ثلاثة طلاب جامعيين قرروا أن يقولوا "لا” لنظام تعليمي غير عادل، وأن يحولوا الغضب الطلابي إلى حركة اجتماعية واعية غيّرت مسار بلد كامل. أسماؤهم: كاميلا فاليخو، جورجيو جاكسون، وغابرييل بوريك. قاد هؤلاء الشباب إضراب الجامعات التشيلية عام 2011، مطالبين بتعليم عام مجاني، وعدالة اجتماعية، ودولة تخدم مواطنيها لا الأسواق وحدها. لم تكن معركتهم سهلة؛ واجهوا الإعلام، والسلطة، والتشكيك، وحتى السخرية. لكنهم امتلكوا ما هو أخطر من الشعارات: رؤية، وتنظيم، وإصرار طويل النفس. ما الذي حدث لاحقًا؟ لم يتوقفوا عند الاحتجاج. انتقلوا من الشارع إلى البرلمان، ومن الهتاف إلى صياغة السياسات. أسسوا تيارًا سياسيًا جديدًا، خاضوا الانتخابات، وفرضوا حضورهم داخل المؤسسات بدل الاكتفاء بلعنها من الخارج. وبعد سنوات من العمل التراكمي، أصبح غابرييل بوريك رئيسًا لتشيلي، في سن لا يتجاوز منتصف الثلاثينات، كأصغر رئيس في تاريخ البلاد الحديث، ممثلًا لجيل جديد يؤمن بـالديمقراطية الاجتماعية، والعدالة، وحقوق الإنسان، ومناصرًا واضحًا للقضية الفلسطينية في عالم يضيق فيه هامش المواقف الأخلاقية. القصة هنا ليست تشيلي فقط. القصة رسالة مباشرة لكل شاب وطالب عربي: التغيير لا يبدأ حين "تكبر”، بل حين تؤمن أن صوتك الآن له قيمة. الجامعة ليست محطة مؤقتة في حياتك، بل قد تكون نقطة انطلاق لصناعة التاريخ. والسياسة ليست حكرًا على الكهول، بل مساحة مفتوحة لمن يملك الفكرة، والجرأة، والصبر. ثلاثة طلاب… بدأوا بإضراب. وانتهوا بإعادة تعريف معنى السلطة. فالسؤال الحقيقي ليس: هل يمكن للشباب أن يحكموا؟ بل: متى يقرر الشباب أن يحاولوا؟ .