شفق نيوز- ترجمة خاصة عزز الحزب الديمقراطي الكوردستاني، من خلال النتائج الجيدة التي حققها في انتخابات مجلس النواب العراقي الأخيرة، "وزنه السياسي" في المشهد العراقي، وفي الملفات الاستراتيجية التي تعني بغداد والإطار التنسيقي والولايات المتحدة وتركيا، بحسب ما خلص إليه "معهد كارنيجي" الأميركي. وقال المعهد في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، إن واشنطن، وتحت ضغط الرئيس دونالد ترمب، أصبحت أكثر صراحة بموقفها من تعزيز سلطة الدولة وتفكيك الميليشيات، بينما تنتهج إيران سلوكاً حذراً. وأشار إلى المفاوضات الجارية بعد الانتخابات العراقية، لافتاً إلى أن مواقف الإطار التنسيقي باتت تصور رئيس الوزراء بشكل أقل كزعيم سياسي وأكثر كمسؤول تنفيذي مكلف بتنفيذ إجماع النخبة الشيعية المتفق عليه مسبقاً، مضيفاً أن القرار لم يعد انتخابياً بالدرجة الأولى، وأن الإطار التنسيقي أفرغ بشكل منهجي الوزن السياسي لموقع رئاسة الوزراء. وأوضح التقرير الأميركي أن ذلك ظهر من خلال الحراك لتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما شكل الإطار التنسيقي لجنة "لإجراء مقابلات" مع المرشحين لرؤساء الوزارات، لافتاً إلى أن هذه الخطوة وحدها تشير إلى أن رئاسة الوزراء لا تمنح للفائز في الانتخابات، وإنما يتم الاختيار من قبل مجلس من النخب الشيعية بناء على شروط محددة مسبقاً. وتابع التقرير أن من بين هذه الشروط المعلنة، أن يتعهد رئيس الوزراء المقبل بالتشاور مع الإطار التنسيقي إزاء كل القرارات الرئيسية، والامتناع عن الترشح في الانتخابات اللاحقة، مضيفاً أن هذا يمنع رئاسة الوزراء من ممارسة السلطة أو تعزيزها. واعتبر أن الخيار الحاسم عندما يتعلق الأمر برئيس الوزراء لا يتم من قبل الناخبين ولكن من خلال الإطار التنسيقي، وأنه تم فصل التصويت الشعبي بشكل فعال عن صنع القرار الحقيقي، مما حول الانتخابات إلى آليات لإعادة ضبط صفقات النخبة، بدلاً من وسائل التغيير السياسي أو المحاسبة الديمقراطية. وحول مدى تأثير إيران والولايات المتحدة والقوى الفاعلة الأخرى، مثل تركيا، قال التقرير إن الإطار التنسيقي يدرك أن رئيس الوزراء لديه سلطة محدودة على الملفات الاستراتيجية الأساسية للعراق، وخصوصاً ملف الميليشيات والعقيدة الأمنية والمواءمة الإقليمية. وكنتيجة لذلك، يعتبر التقرير أن القوى الفاعلة السنية والكوردية تدرك بشكل متزايد أن المفاوضات الحقيقية حول الحوكمة والميزانيات والنفط والضمانات الأمنية، يجب أن تتم مع الإطار التنسيقي، وليس مع رئيس الوزراء. وفيما يتعلق بالخارج، قال التقرير إن كل من إيران والولايات المتحدة تعملان بالتفاهم نفسه، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أصبحت، تحت ضغط متجدد من إدارة ترمب، أكثر صراحة فيما يتعلق بالحاجة إلى تعزيز سلطة الدولة وتفكيك استقلالية الميليشيات. وفي الوقت نفسه، رأى التقرير أن إيران تتصرف بحذر، وهي تتبع "صمتاً استراتيجياً"، إذ تدرك أنها تعمل في ظل قيود أكبر، إلا أنها تدرك أيضاً أن تأثيرها لا يتوقف على هوية رئيس الوزراء، بالنظر إلى اختراقها السياسي والعسكري العميق للإطار التنسيقي نفسه، بالإضافة إلى البيروقراطيات العراقية الرئيسية والحساسة. وأوضح التقرير أن إيران، وطالما أن "الوكلاء" لا يزالون جزءاً من البنية الحاكمة، فأنها لا تحتاج إلى التدخل علناً في قضية اختيار رئيس الوزراء، وأن أولويتها تتمثل في الحفاظ على نفوذ الميليشيات بطريقة تسمح لها بإدارة هذه الفصائل. واعتبر التقرير أن السؤال الأكثر أهمية لا يتعلق بمن سيصبح رئيس الوزراء، وإنما ما ستتمخض عنه مفاوضات ما بعد الانتخابات مع القوى الفاعلة الكوردية والسنية، وما هي الالتزامات التي تم التعهد بها وما إذا كانت قابلة للتنفيذ، مبيناً أن هذه الصفقات هي ما ستحدد مسار الحكم في العراق أكثر بكثير من هوية رئيس الوزراء الذي كانت سلطته مقيدة فعلياً. وفيما يتعلق بالكورد، خصوصاً الحزب الديمقراطي الكوردستاني، قال التقرير إن ديناميكية ما بعد الانتخابات، تتعلق بالنفوذ المشروط بدلاً من القوة المؤسسية، موضحاً أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حصل كحزب على أكبر عدد من الأصوات في كل أنحاء العراق، حيث كان أداؤه جيداً في محافظات تتمتع بأهمية استراتيجية خارج إقليم كوردستان، مثل نينوى. وتابع التقرير أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا يزال الحزب المتماسك الوحيد الذي حقق هذه النتيجة بشكل مستقل، حيث حصل على أكثر من مليون صوت في كل أنحاء العراق كحزب واحد وليس من خلال قائمة انتخابية متعددة الأحزاب، وهو "تميز يمنحه وزناً سياسياً حقيقياً"، في حين أن الاتحاد الوطني الكوردستاني حافظ على حد كبير بحصته من المقاعد وعزز نفوذه في كركوك. وأشار التقرير إلى أن النفوذ الكوري جرى استخدامه تقليدياً من أجل التفاوض على تطبيق البنود الدستورية المتعلقة خصوصاً بالفيدرالية، وتقاسم الإيرادات والأراضي المتنازع عليها ومواقع الدولة العليا مثل الرئاسة. وأكمل أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني هدفه الحصول على ضمانات ملموسة وقابلة للتطبيق فيما يتعلق بمخصصات الميزانية وتفاهمات النفط والغاز والإدارة الإقليمية. وأضاف قائلاً إن نفوذ الحزب الديمقراطي الكوردستاني لا ينبع من التمثيل البرلماني فقط، بل أيضاً من فائدته الاستراتيجية الخارجية، خاصة تجاه تركيا والولايات المتحدة. وأوضح التقرير أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يقف عند تقاطع العديد من الملفات التي تهم بغداد بشدة والإطار التنسيقي، بما في ذلك طرق الطاقة الإقليمية وأمن الحدود والموقف العسكري التركي وسوريا وديناميكية الولايات المتحدة وتركيا في شمال شرق سوريا. وبيّن أن الممرات التجارية والعمليات الأمنية ومصالح الطاقة في أنقرة وإقليم كوردستان، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحكومة الحزب الديمقراطي الكوردستاني أكثر من بغداد. أما بالنسبة لواشنطن والحزب الديمقراطي الكوردستاني، فإن التقرير يقول إن الحزب يمثل لواشنطن، أحد المحاورين القليلين الأقوياء في بيئة سياسية عراقية مجزأة، خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والحد من التصعيد الإقليمي وإدارة العلاقات الأميركية - التركية. وأكد التقرير أن هذا يمنح الحزب الديمقراطي الكوردستاني "نفوذاً غير مباشر ولكنه حقيقي". وخلص إلى أنه "لا يمكن للإطار التنسيقي تجاهل المطالب الكوردية من دون المجازفة بتعقيدات على الملفات الحساسة خارجياً، بما في ذلك تدفقات الطاقة وأمن الحدود وعمليات تركيا والانخراط الأميركي".