ترجمة - معاريف * كل يوم يمر ويقربنا من موعد الانتخابات يرفع درجة الحرارة السياسية والاجتماعية إلى مستوى لم نشهد مثيلا له، أما من جلب علينا هذا الكرب فهي هذه الحكومة؛ حكومة غيرت المناخ في "إسرائيل" بشكل متطرف ومقلق في غضون ثلاث سنوات، وتدوس بقدم فظة كل قطعة طيبة في "الدولة" اليهودية – الديمقراطية – الصهيونية التي قامت على أساسات "وثيقة الاستقلال". من ينظر بعيون مفتوحة إلى ما يجري هنا في السنوات الثلاث الأخيرة لن يصعب عليه ملاحظة "دولة إسرائيل" المتنورة وهي على مسافة خطوة عن دكتاتورية بشعة ومقلقة. المحكمة العليا أصبحت القلعة الأخيرة للديمقراطية، خط الدفاع الأخير. وهي تقف في هذه الساعات كالسور المنيع كي تحمي "الدولة" من قرارات وقوانين هاذية تعمل هذه الحكومة على تمريرها بأي ثمن، وأساساً من أجل بقائها وحوكمتها المشكوك فيها التي تقوم على أساس القوة والمال والكبرياء. إن قائمة المبادرات التشريعية المدوية طويلة: قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم، ولجنة تحقيق سياسية لـ 7 أكتوبر، ومحاولة إقالة المستشارة القانونية وتقسيم منصبها، والتشريع ضد وسائل الإعلام الحرة وغيرها وغيرها. وأكثر من كل شيء، تتميز هذه الحكومة بقدرتها على إلقاء المسؤولية عن الإخفاقات على كل شيء، والتنكر لأي مسؤولية وإيجاد المسؤولين عن كل مشاكل "شعب إسرائيل" بكل سهولة. وغير مرة يترافق هذا ووابلاً من الأكاذيب والادعاءات المتهالكة. من شاهد المقابلة الصحافية المشوقة لعمري اسنهايم، مع الناطق بلسان رئيس الوزراء نتنياهو ايلي فيلدشتاين، يعرف فصلاً إضافياً وبشعاً لسلوك هذه الحكومة، وأساساً من يقوم على رأسها. واضح تماما أنه في كل دولة سوية العقل، كانت مثل هذه الحكومة ستنهي طريقها منذ زمن بعيد. في هذه الأيام، فيما أن الانقلاب النظامي الذي أعلن عنه يريف لفين يتلقى طابعاً واضحاً من الدكتاتورية التي لا تتوقف، اخترت فحص كيف نشأت الدكتاتوريات والأنظمة الظلامية على مدى السنين. ولأسفي، وجدت غير قليل من الخطوط المتلاصقة بين تلك الأنظمة وسلوك حكومة إسرائيل اليوم. هكذا مثلا النظام في الاتحاد السوفياتي في عهد ستالين – لينين: بدأ الانقلاب باسم المساواة والعدل، مع وعد بحكم الشعب، وعلى الفور تحول إلى سيطرة كاملة على وسائل الإعلام مع شرطة سرية (كي.جي.بي)، محاكمات استعراضية، تطهيرات ومعسكرات عمل. وثمة مثال آخر، وهو نظام موسوليني الظلامي في إيطاليا الفاشية. فقد ولد على خلفية فوضى سياسية واقتصادية خلقت خوفاً من الشيوعية، التي أقلقت جمهوراً واسعاً. السياق كان إلغاء برلمان فاعل، وملاحقة خصوم سياسيين، وعبادة الزعيم وتشريع تدريجي مناهض للديمقراطية. وعليه، الاستنتاج هو أن الخطر الواقع على الديمقراطية لا يعني بالضرورة دبابات في الشوارع، بل هو قوانين وقرارات تمس باستقلالية جهاز القضاء، وتشريع يردع وسائل الإعلام النقدية والمضي بقنوات دعاية تخدم الحكومة. وبالطبع، عبادة الزعيم؛ ففي الدكتاتورية يعد النقد خيانة. كل واحد يمكنه أن يشخص المؤشرات المقلقة هذه في "دولة إسرائيل" هذه الأيام. ويجدر التشديد على أن الديمقراطيات لا تسقط عندما يسكت الجمهور – بل تسقط عندما يعتاد الجمهور. * أفرايم غانور (القدس العربي) .