الشتاء يضاعف التحديات.. استنفار فرق الإنقاذ لمساعدة العالقين

أعلنت قيادات الفرق التطوعية والجمعيات المتخصصة في البحث والإنقاذ بالمملكة رفع حالة الجاهزية القصوى لمواجهة تحديات موسم الشتاء وهطول الأمطار، محذرين المتنزهين من مخاطر المغامرة غير المحسوبة في المناطق الوعرة، وداعين إلى ضرورة التخطيط المسبق للرحلات والتزود بالتجهيزات اللازمة لضمان سلامة الأرواح وتقليل معدلات حوادث الاحتجاز والفقدان في الصحاري والأودية.

ضرورة الانتباه للمخاطر المحتملة

أجمع خبراء الإنقاذ على أن الاستمتاع بالأجواء الشتوية لا يكتمل إلا بوعي كامل بالمخاطر المحتملة، حيث يمثل التخطيط المسبق للرحلة وإبلاغ الأقارب بخط السير طوق النجاة الأول لتقليص زمن الاستجابة في الحالات الطارئة.

وكشفت البيانات الميدانية عن تصدر بلاغات «غرز المركبات» لقائمة الحوادث الشتوية، وغالباً ما تكون ناتجة عن سوء التقدير لطبيعة الأرض أو الدخول في مناطق طينية وسبخات دون دراية كافية، فضلاً عن حوادث الضياع الناتجة عن الضباب الكثيف.

أكثر المواسم تحديًا

أكد رئيس مجلس إدارة جمعية المحترفون للبحث والإنقاذ، "خالد عبدالعزيز العيسى"، أن موسم الشتاء يُعد من أكثر المواسم تحديًا لفرق البحث والإنقاذ، نظرًا لما يصاحبه من برودة في الطقس، وهطول للأمطار، وانخفاض في مدى الرؤية، وهي عوامل تؤثر بشكل مباشر على سلامة الفرق الميدانية، وتزيد من صعوبة الوصول إلى المواقع، خاصة في المناطق الصحراوية والوعرة. وأوضح أن هذه الظروف تستدعي توفير تجهيزات إضافية، تشمل الملابس العازلة، ومعدات الإضاءة، وأدوات الإنقاذ المتخصصة، لضمان تنفيذ المهام بكفاءة وأمان.خالد العيسى

وأشار "العيسى" إلى أن تقلبات الطقس خلال فصل الشتاء، وما يرافقها من أمطار غزيرة وبرودة شديدة، قد تؤثر على سرعة الاستجابة للحالات الطارئة، نتيجة انزلاق الطرق، وتشكل الضباب، أو إغلاق بعض المسارات المؤدية لمواقع البلاغات.
وأضاف أن الجاهزية في هذا الموسم تتطلب تخطيطًا استباقيًا، ومتابعة مستمرة للتقارير الجوية، إلى جانب رفع مستوى التنسيق والتكامل مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، بما يسهم في الوصول الآمن والسريع للحالات.

وبيّن أن فصل الشتاء يشهد عادة زيادة ملحوظة في البلاغات والحالات الطارئة، حيث تتصدر بلاغات غرز المركبات القائمة، وغالبًا ما تكون نتيجة التخطيط غير السليم عند الدخول إلى المناطق البرية، إضافة إلى حالات الاحتجاز بسبب تجمعات مياه الأمطار، وتعطل المركبات، فضلًا عن بلاغات فقدان الأشخاص أثناء رحلات التنزه.

وأضاف "العيسى" أن الأجواء الباردة والرحلات البرية في هذا الموسم تشهد تزايدًا في أنواع معينة من الحوادث، أبرزها الغرز في المناطق الصحراوية وبالقرب من الشواطئ، والانزلاق على الطرق المبتلة، وانقلاب المركبات، إلى جانب حالات الضياع الناتجة عن ضعف الرؤية أو قلة الخبرة بالمسارات.

وفي ختام حديثه، شددت جمعية المحترفون للبحث والإنقاذ على أهمية التزام المتنزهين والمواطنين بتعليمات السلامة، ومتابعة حالة الطقس قبل الخروج للرحلات البرية، وإبلاغ الجهات المختصة بخطط الرحلات ومساراتها، بما يسهم في تقليل المخاطر وحماية الأرواح. كما قدم العيسى شكره لإتاحة الفرصة لتنبيه الجميع بضرورة توخي الحيطة والحذر، مؤكدًا أن فرق الجمعية على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة في أي وقت، سائلًا الله السلامة للجميع.

رفع جاهزية فرق الإنقاذ

أكد مؤسس وقائد فريق فزعة للبحث والإنقاذ، الأستاذ "خالد عبدالباقي البدنه"، أن مهمة الفريق تتمثل في البحث والإنقاذ عن المفقودين، ومساعدة العالقين في الصحراء، مشيرًا إلى أن الفريق يولي موسم الشتاء ومواسم الأمطار اهتمامًا خاصًا نظرًا لارتفاع البلاغات وتنوع التحديات الميدانية.خالد البدنة

وأوضح "البدنه" أن الفريق رفع جاهزيته الكاملة لكافة أعضائه مع دخول هذا الموسم، من خلال عقد العديد من الاجتماعات التنظيمية، ووضع خطط وبرامج عمل مبنية على الخبرات المتراكمة والتجارب السابقة للفريق خلال فصول الشتاء ومواسم الأمطار في الأعوام الماضية، بما يسهم في سرعة الاستجابة ورفع مستوى السلامة أثناء تنفيذ المهام.

وأشار إلى أن معدات الفريق متعددة ومتنوعة وتختلف بحسب طبيعة كل حالة، إلا أن هناك تجهيزات أساسية يحرص جميع أعضاء الفريق على توفرها أثناء المهام، من أبرزها: حبال وسبت للسحب بمقاسات وأطوال مختلفة، رافعات للمركبات، منافخ إطارات، أجهزة اتصال لاسلكية، أجهزة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، مجارف مخصصة للرمال والطين، حلقات تأمين عند السحب، كشافات يدوية، ألواح خاصة للطين والرمال، إضافة إلى أكياس تأمين السحب، بما يضمن التعامل الآمن والفعّال مع مختلف الحالات.

بلاغات الفقد والاستعداد لموسم الأمطار

وحول آلية التعامل مع بلاغات الفقد، أوضح البدنه أن الفريق يبدأ أولًا بالتحقق من البلاغ ودراسة جميع المعطيات والمعلومات الواردة من ذوي المفقود وأقاربه، ثم يتم تجهيز جميع الطواقم المختصة، والتي تشمل طاقم البحث الأرضي، وطاقم البحث الجوي، إلى جانب الطاقم الطبي. وبناءً على طبيعة المنطقة، يتم تقسيم الفريق إلى مجموعات ميدانية تُوزَّع وفق خارطة المنطقة المستهدفة، لضمان مسح شامل ودقيق، حيث قد تستغرق عمليات البحث ساعات، وقد تمتد ليوم أو يومين حتى يتم العثور على المفقود، وسط فرحة كبيرة عندما يُعثر عليه حيًا يرزق.

وفيما يخص الاستعداد لموسم الأمطار، أكد البدنه أن هناك خططًا استباقية تُعد قبل دخول الموسم بعدة أشهر، تشمل تنسيقًا واجتماعات مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، إلى جانب خطط داخلية خاصة بالفريق، تعتمد على دراسة المواقع التي يكثر فيها المتنزهون، ومناطق تجمع مياه الأمطار، والمواقع الصعبة مثل المزارع والسبخات، نظرًا لطبيعة التربة في تلك المناطق، وذلك بالاستفادة من تقارير الفريق وتحليل البلاغات والملاحظات الميدانية للعام السابق.

واختتم البدنه حديثه بالتأكيد على أهمية وعي المتنزهين بأخطار التقلبات الجوية، وضرورة التخطيط الجيد للرحلات البرية، ومتابعة تقارير الطقس، مشددًا على أن فريق فزعة للبحث والإنقاذ على استعداد تام لتقديم المساعدة في أي وقت، سائلًا الله السلامة للجميع.

مساعدة المركبات المتعطلة والعالقين

أكد "عبدالحكيم فيصل الشعبان" المدير التنفيذي لجمعية فرسان الشرقية للبحث والإنقاذ، أن مهمة الفريق تتركز في مساعدة العالقين في الرمال والمركبات المتعطلة، إضافة إلى البحث عن المفقودين، مشيرًا إلى أن فصل الشتاء ومواسم الأمطار تشهد تزايدًا في البلاغات، ما يستدعي جاهزية عالية وتنسيقًا مباشرًا مع الجهات الرسمية.عبدالحكيم الشعبان

وأوضح الشعبان أن التنسيق يتم وفق طبيعة البلاغ، حيث يتم التواصل مع سلاح الحدود في حالات الغرق، ومع الدفاع المدني في حالات الاحتجاز داخل المركبات أو الحوادث، إضافة إلى وجود أرقام مباشرة لممثلي الجهات الرسمية، مؤكدًا أن مركز العمليات الأمنية الموحد «911» بالمنطقة الشرقية يُعد حجر الأساس في سرعة البلاغات ونجاح الاستجابة الميدانية.

وأشار إلى أن وعي المجتمع لا يُعد عاملًا مساعدًا فقط، بل هو الركيزة الأساسية لنجاح أو فشل عمليات الإنقاذ، موضحًا أن الدقائق الأولى في الحوادث قد تصنع الفارق بين الحياة والموت. فالإبلاغ الدقيق، وإعطاء وصف صحيح للموقع ونوع الحالة، وإفساح الطرق لآليات الطوارئ، جميعها تسهم في تقليل زمن الاستجابة. كما أن أفراد المجتمع غالبًا ما يكونون أول من يصل لموقع الحادث، ودورهم في تقديم الإسعافات الأولية أو منع تفاقم الخطر يمثل عنصرًا بالغ الأهمية.

وأضاف أن الوعي المجتمعي يحد من ظاهرة التجمهر والتصوير، التي تعيق عمل الفرق الميدانية، وتزيد الضغط النفسي على المصابين وذويهم، مؤكدًا أن الوقاية تبقى العامل الأهم في تقليل البلاغات، سواء عبر الوعي بالسلامة المنزلية، أو متابعة الظروف الجوية، أو الالتزام بإجراءات السلامة في المنشآت.

وفي رسالته للمتنزهين، شدد الشعبان على أهمية التخطيط المسبق، وإبلاغ الآخرين بخطط الرحلة، وحمل المستلزمات الأساسية، ومتابعة النشرات الجوية، مؤكدًا أن التزام المتنزهين بإرشادات السلامة يسهم في حمايتهم، ويُسهل مهام فرق الإنقاذ التي تعمل من أجل سلامة الجميع.