نشرت صفحة بريد القراء بصحيفة البلاد الرسالة الواردة لها من أحد المتابعين ونصها الآتي: جسدت مملكة البحرين، من خلال تشريع أحكام قانون الأسرة، رؤية تشريعية متقدمة تعكس حرص الدولة على صون كيان الأسرة وحماية استقرارها باعتبارها الركيزة الأساسية لبناء المجتمع. وقد جاء هذا التشريع في إطار منظومة قانونية متكاملة، تُراعي أحكام الشريعة الإسلامية، وتستجيب في الوقت ذاته لمتطلبات الواقع الاجتماعي المتجدد. رؤية تشريعية اتسم تشريع أحكام قانون الأسرة البحريني بنظرة متوازنة تعي طبيعة العلاقات الأسرية وما قد يطرأ عليها من تحديات؛ فعمل المشرع البحريني على تنظيم هذه العلاقات بأسلوب يضمن الحقوق؛ فجاءت نصوصه منسجمة مع مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النسل، وصيانة الكرامة الإنسانية وتحقيق السكن والمودة، وهو ما يُعد أساسا جوهريا لاستمرار العلاقة الزوجية واستقرارها. وفي هذا السياق، استلهم المشرع البحريني قوله تعالى: “وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّة وَرَحْمَة ۚ “ [سورة الروم: 21]، حيث انعكس هذا المفهوم القرآني في تنظيم الحقوق والواجبات الزوجية، ولا سيما ما يتعلق بالنفقة و المُعاشرة بالمعروف، بما يرسخ مبدأ العدالة والتوازن بين الطرفين. وقد عكس هذا التشريع فهما عميقا لخصوصية الأسرة البحرينية، وما تستلزمه من حماية قانونية قائمة على الحكمة والاعتدال. تنظيم النزاع ولم يأتِ قانون الأسرة لتنظيم الخلاف بوصفه غاية، بل كوسيلة تحفظ الروابط الأسرية وتقلل آثار النزاع عند تعذر استمرار العلاقة الزوجية. لقد استلهم المشرع البحريني في تنظيمه لأحكام قانون الأسرة جوهر المقاصد الشرعية؛ فكانت النصوص القانونية انعكاسا لمبدأ حفظ الكيان الأسري، لا تفكيكه، ومعالجة الخلاف قبل استفحاله، لا الاكتفاء بآثاره بعد وقوعه. وقد أولى المشرع أهمية خاصة لآليات الصلح والتسوية؛ إدراكا لأثرها الإيجابي في تخفيف حدة الخصومة، والحفاظ على التماسك الأسري، ولاسيما في القضايا التي يكون الأطفال طرفا فيها. مصلحة الطفل وأكد تشريع أحكام قانون الأسرة مبدأ مصلحة الطفل الفضلى، وجعله أساسا حاكما في مسائل الحضانة والنفقة والرعاية. ويعد هذا التوجه أحد أبرز ملامح التشريع البحريني؛ لما له من أثر مباشر في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي للأطفال، بما ينعكس إيجابا على الأسرة والمجتمع على حد السواء. وهو ما ينسجم مع قوله تعالى: “لا تُضَارَّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَّهُ بِوَلَدِهِ” [سورة البقرة: 233]. عدالة متوازنة وحرص المشرع البحريني على تحقيق عدالة متوازنة تراعي خصوصية القضايا الأسرية؛ فجمع بين سرعة الفصل في المنازعات، وبين التقدير الواجب لأبعادها الإنسانية والاجتماعية، وهو ما أسهم في ترسيخ الثقة في القضاء الأسري، وتعزيز الشعور بالأمان القانوني لدى أفراد المجتمع. تعزيز الوعي وإلى جانب النصوص القانونية، تبرز أهمية نشر الوعي بأحكام قانون الأسرة، بما يسهم في ترسيخ ثقافة قانونية قائمة على المعرفة بالحقوق والواجبات، ويعزز الدور الوقائي للتشريع؛ انسجاما مع توجهات مملكة البحرين في دعم الاستقرار الأسري والمجتمعي. تشريع للحماية إن التشريع البحريني في أحكام قانون الأسرة لم يكن تشريعا للنزاع، بل تشريعا للحماية، ولم يُسن لإدارة الخلاف، بل لصون الكيان الأسري من الانهيار؛ فجمع بين عدالة النص، وحكمة التطبيق، وروح الشريعة، ليؤكد إن الأسرة ليست ملفا قضائيا، بل مسؤولية مجتمعية تتقدم فيها المصلحة العامة على الخصومة الخاصة. مساهمة من: المحامية سكينة محمد ترحب “البلاد” برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين النشر، مع الاحتفاظ بحق تنقيح الرسائل واختصارها. يرجى توجيه الرسائل إلى البريد الإلكتروني (rashed.ghayeb@albiladpress.com) متضمنة الاسم ورقم الهاتف.