شهد موسم مبيعات عيد الميلاد للعام الجاري تحولاً جذرياً في آليات الاستهلاك العالمي، حيث عكس الأداء العام مرونة ملحوظة في الإنفاق الاستهلاكي رغم التحديات الاقتصادية المتباينة. وقد سيطر مفهوم “التسوق القائم على القيمة” على المشهد التجاري، حيث اتجه المستهلكون نحو الموازنة بين الجودة العالية والبحث عن العروض الحصرية، وهو ما أدى بدوره إلى نمو إجمالي المبيعات بنسبة تجاوزت التوقعات الأولية. وتجلى هذا النمو بشكل واضح في قطاع التجارة الإلكترونية الذي واصل هيمنته مستفيداً من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تخصيص تجارب الشراء، في حين استعادت المتاجر التقليدية جاذبيتها من خلال تعزيز مفهوم “التسوق التجريبي” الذي يجمع بين الترفيه والتبضع المباشر. كما برز جلياً تأثير “التجارة الهجين” التي تدمج بين المنصات الرقمية والمواقع المادية، حيث سجلت خدمات الشراء عبر الإنترنت مع الاستلام من المتجر مستويات قياسية، مما قلل من تكاليف الشحن النهائي وعزز من رضا العملاء الذين يبحثون عن السرعة والموثوقية في استلام هداياهم. أما على مستوى القطاعات الإنتاجية، فقد تصدرت الإلكترونيات الذكية والمنتجات المستدامة قائمة الأكثر مبيعاً، مما يشير إلى تحول عميق في وعي المستهلك الذي بات يفضل المنتجات ذات الأثر البيئي المنخفض. هذا التوجه دفع الشركات إلى إعادة النظر في سياسات التغليف والشحن لتكون أكثر توافقاً مع المعايير البيئية. وبالتزامن مع ذلك، لعبت البيانات الضخمة دوراً محورياً في إدارة المخزون وتقليل الفاقد، حيث مكنت التحليلات التنبؤية تجار التجزئة من توقع حجم الطلب بدقة عالية، مما انعكس إيجاباً على هوامش الربح الإجمالية للموسم. ويخلص التقرير إلى أن النجاح في موسم 2025 لم يكن حليفاً للشركات التي قدمت أقل الأسعار فحسب، بل كان من نصيب المؤسسات التي نجحت في بناء رحلة تسوق متكاملة وسلسة. إن الاعتماد المتزايد على أدوات الدفع الرقمي الآجلة وتطبيقات الواقع المعزز لتجربة المنتجات افتراضياً قد وضع معايير جديدة للمنافسة في الأعوام القادمة. وبناءً على هذه المعطيات، فإن الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتعزيز الشفافية مع المستهلك يظلان الركيزتين الأساسيتين لاستدامة النمو وتحويل المتسوقين الموسميين إلى عملاء دائمين في الدورة المالية المقبلة بحسب eMarketer.