سوق العمل السوري بعد إلغاء "قانون قيصر".. فرص واعدة تصطدم بفجوة المهارات

شفق نيوز- دمشق يشهد سوق العمل في سوريا مرحلة مفصلية مع اقتراب العام 2026، في ظل متغيرات اقتصادية وتشريعية كبرى، أبرزها إلغاء قانون قيصر وعودة الانفتاح الجزئي على المنظومة الاقتصادية الدولية. وأشار رئيس مجلس أمناء مؤسسة الموارد البشرية منير عباس، لوكالة شفق نيوز، إلى وجود نقص حاد في المهارات القيادية والسلوكية، التي تُعد مكمّلة للمهارات التقنية، مبيناً أن الخريجين يدخلون سوق العمل دون الحد الأدنى من مهارات التواصل، تقديم الذات، والعمل ضمن فريق، ما يضع أرباب العمل أمام تحدٍ حقيقي في التوظيف. ولفت إلى فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل، حيث لا تعكس المناهج الحالية المتطلبات الفعلية للوظائف، في ظل غياب توجيه واضح من سوق العمل إلى المؤسسات التعليمية هذا الانفصال ساهم في ارتفاع معدلات البطالة المقنّعة، مقابل شكوى الشركات من نقص الكفاءات. رغم أن الصورة السائدة عن شح فرص العمل، كشفت تجارب عملية منها ملتقيات توظيف عن توفر آلاف الفرص الحقيقية ففي فعالية واحدة، حيث أعلنت 64 شركة عن نحو 2500 فرصة عمل إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في ضعف الربط بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل، وغياب منصة وطنية موحدة لسوق العمل، وفقاً لعباس. وأوضح أن "أبرز التحديات يتمثل في غياب قاعدة بيانات وطنية شاملة حول سوق العمل، ما يربك عمل الجهات الحكومية، المنظمات الدولية، والمنظمات الأهلية، فلا توجد إحصاءات مركزية حديثة يمكن البناء عليها لرسم سياسات تشغيل فعالة أو استقطاب استثمارات نوعية". وتابع عباس، قائلاً: "مع الانفتاح المتوقع بعد رفع العقوبات، وإلغاء قانون قيصر يبرز التخوف من منافسة العمالة الأجنبية، خاصة من الدول المصدّرة للعمالة الماهرة"، مؤكداً "ضرورة وضع سياسات حماية وتشغيل تضمن أولوية العامل السوري، مع الإسراع في برامج إعادة التأهيل ورفع الكفاءة وفق المعايير الدولية". ونوه إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، استناداً إلى تقارير دولية تشير إلى خلق نحو 78 مليون وظيفة جديدة عالمياً، معتبراً أن سوريا قادرة على الاستفادة من هذه التحولات إذا استثمرت في التدريب المستمر، اللغات الأجنبية، والشهادات الدولية. كما بين عباس، أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تقود مسار لإعداد برنامج سياسات تشغيل سوريا 2026، بالشراكة مع منظمات دولية مثل UNICEF و GIZ وهيئات أممية أخرى، بهدف رسم خريطة طريق واضحة لسوق العمل السوري في المرحلة المقبلة. بدوره، أشار رئيس مجلس التنسيق لمنتدى المنظمات غير الحكومية في سوريا لؤي حباب إلى بروز دور المنظمات كحلقة وصل محايدة وفاعلة، قادرة على جمع القطاعين العام والخاص والمنظمات الدولية، والعمل من الميدان على تحديد الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، خاصة في مجالات التنمية الاجتماعية، البيئة، الإعاقة، والتغذية. وختم حديثه بالقول إن سوق العمل في سوريا لا يعاني من نقص الفرص بقدر ما يعاني من نقص المهارات، غياب البيانات، وضعف التنسيق، ومع التحولات الدولية والمحلية الجارية، تبدو السنوات القادمة حاسمة".