استخباراتي تركي سابق: العالم مقبل على فوضى تُدار لا حرب شاملة

ترك برس يرى الكاتب والمسؤول السابق في جهاز المخابرات التركية غورسل توكماك أوغلو أن الحديث عن حتمية اندلاع حرب عالمية ثالثة مبالغ فيه، مرجحا أن يشهد العالم في الفترة المقبلة حالة من الفوضى تديرها القوى الكبرى. ويناقش الكاتب في المقال الذي نشرته صحيفة إندبندنت بنسختها التركية، أطروحة البروفيسور الصيني جيانغ شيوي تشين، الذي يتوقع اندلاع حرب عالمية ثالثة انطلاقا من الأزمات المحتدمة حول العالم. ويقول الكاتب إنه راجع أطروحة جيانغ التي تحمل عنوان "بداية سلسلة التفاعلات التي تقود إلى الحرب العالمية الثالثة"، ووجد أنها تنطوي على قدر كبير من المبالغة. وأضاف توكماك أوغلو أنه يفضل النهج الواقعي في تفسير الأحداث العالمية ويحاول النظر إلى موازين القوى العالمية بموضوعية من أجل الخروج باستنتاجات عقلانية فيما يتعلق بمستقبل العالم في السنوات المقبلة. ويوضح الكاتب أنه يتفق مع نظرية جيانغ في مسألة هشاشة النظام الدولي الراهن وتصاعد المنافسة بين القوى الكبرى، لكنه يختلف معه في تقدير مستوى المخاطر والنتائج المتوقعة. وحسب رأيه، بات من السهل استنتاج أوجه تشابه بين الوضع الجيوسياسي الراهن ومحطات تاريخية سابقة، والحديث عن تراجع الهيمنة الأميركية، وتفسير الأحداث من منطلق تسلسل الأزمات، وإبراز دور التقدّم التكنولوجي والحروب الهجينة. وأشار إلى أن النظام الدولي الليبرالي بدأ ينهار فعلا، مع تخلي الولايات المتحدة عن دورها كشرطي للعالم، ما يعني بداية تشكل نظام عالمي جديد. فوضى منظمة لكنه يعتقد أن الصراعات المندلعة في عدة مناطق، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط والكاريبي، قد لا تكون بالضرورة مقدمة لحرب عالمية، بل فوضى تثيرها بعض القوى وتستطيع إدارتها، ما يعني أنه يمكن في نهاية المطاف توقع انتصار واقعية القوى العظمى. ويشدد الكاتب على أن من أبرز القضايا التي يركز عليها في تحليل المشهد العالمي الراهن ما يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة، نظرا لما تحدثه مثل هذه الثورات من تحولات جذرية. ويوضح الكاتب أن العالم دخل سباق تسلح جديدا يركز على الأسلحة الأكثر تطورا وتدميرا من الناحية التكنولوجية، مضيفا أن تقنيات الجيل المقبل، مثل المسيّرات، وتكنولوجيا الدفاع السيبراني، وتقنيات الفضاء، غيّرت طبيعة الحروب، لكن تصوير بعض المنظرين -ومنهم البروفيسور جيانغ- كل هذه التطورات على أنها تعني الاقتراب بشكل حتمي من حرب عالمية كبرى ليس تحليلا واقعيا. ويشير إلى أن الحروب الكبرى بين القوى العظمى ليست سهلة الوقوع، بل تمر بمراحل ضغط واختبار متبادل للحدود ومناطق النفوذ، وهذه المراحل تكون مليئة بالمناورات السياسية والاقتصادية، وغالبا ما تتيح إدارة الصراع وتحقيق مكاسب دون الانزلاق إلى حرب شاملة. ويخالف الكاتب طرح جيانغ الذي يتحدث عن انطلاق حتمي نحو حرب عالمية ثالثة، مؤكدا بدلا من ذلك أن المرحلة الراهنة هي مرحلة تنافس طويل الأمد وفوضى مُدارة في إطار انتصار الواقعية، لا حرب شاملة، مشددا على ضرورة أن تبني تركيا موقفها وفق هذا الفهم. ويتوقع توكماك أوغلو أن تمر السنوات العشر المقبلة دون حرب عالمية، مع بقاء التوتر في أعلى مستوياته، واحتمال اندلاع صراعات هجينة بين عامي 2026 و2030، مرجحا أن تلعب الولايات المتحدة دورا محوريا في كل هذه الصراعات، مع حضور لروسيا والصين وأوروبا.