أشار رئيس
الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة إلى أن شركة «سبيس إكس» أعلنت تعرض أحد أقمار منظومة «ستارلينك» لعطل مفاجئ بتاريخ 17 ديسمبر 2025، نتج عنه فقدان الاتصال بالتحكم الأرضي وحدوث
تسرب في الوقود من خزان الدفع.
وأدى ذلك إلى دخول القمر الصناعي في حالة دوران خارج السيطرة أثناء وجوده في المدار الأرضي المنخفض.
هبوط تدريجي
وأوضح أبو زاهرة أن
القمر الصناعي المتعطل سيبدأ خلال أسابيع قليلة بالهبوط التدريجي نحو الغلاف الجوي للأرض، حيث سيتفكك ويحتترق بالكامل نتيجة الاحتكاك الشديد بالهواء، مؤكدًا أن هذا السيناريو لا يشكل أي خطر على سطح الأرض أو على الأقمار الصناعية الأخرى العاملة في المدار. ولفت إلى أن الشركة أشارت إلى انفصال عدد محدود من قطع الحطام أثناء العطل، إلا أنها لا تمثل تهديدًا فعليًا للملاحة الفضائية.
وبيّن أن القمر الصناعي المتضرر جرى تصويره في 18 ديسمبر 2025 بواسطة القمر الصناعي المخصص لمراقبة الأرض «WorldView-3» التابع لشركة «Vantor»، وذلك من ارتفاع يقارب 241 كيلومترًا. وأظهرت الصور عالية الدقة أن هيكل القمر الصناعي لا يزال متماسكًا إلى حد كبير، رغم فقدانه السيطرة على الحركة، في مشهد نادر يعكس تطور تقنيات الرصد الفضائي.
مثال "فضائي" هام
وأضاف رئيس الجمعية الفلكية بجدة أن هذه الحالة تمثل مثالًا فريدًا على استخدام قمر صناعي لمراقبة قمر آخر معطل، ما يساعد المختصين على تقييم حجم الأضرار الفنية دون الحاجة لإرسال مهمات إصلاح مكلفة أو معقدة، خاصة مع الأقمار الصناعية التي يصعب الوصول إليها أو لا يُخطط لصيانتها.
وأشار أبو زاهرة إلى أن «سبيس إكس» لم تعلن حتى الآن السبب الدقيق للعطل، إلا أن خبراء في مجال الأقمار الصناعية يرجحون أن يكون الخلل ناتجًا عن عطل في نظام الدفع أو تسرب في خزانات الوقود، وهي أعطال تُعد أكثر شيوعًا في الأقمار الصناعية منخفضة التكلفة مقارنة بالأقمار الكبيرة والمعقدة في المدارات العليا.
وأوضح أن شبكة «ستارلينك» تُعد حاليًا أكبر كوكبة أقمار صناعية في العالم، إذ تضم أكثر من 9 آلاف قمر صناعي، ما يمثل نحو 65% من إجمالي الأقمار الصناعية العاملة حول الأرض. ورغم أن الغالبية العظمى من هذه الأقمار تعمل بكفاءة وتواصل تقديم خدمات الإنترنت الفضائي، إلا أن ازدياد أعداد الأقمار في المدار يرفع من احتمالات الأعطال الفنية، ويجعل من مراقبة الحطام الفضائي أولوية قصوى لضمان سلامة الأقمار الأخرى والمهمات المستقبلية.
مصير قمر ستارلينك
وعن مصير القمر الصناعي عند سقوطه، أوضح أبو زاهرة أنه عند دخوله الغلاف الجوي للأرض بسرعة تقارب 7.7 كيلومترات في الثانية، سيتعرض لاحتكاك هائل يولد حرارة كافية لتبخير معظم مكوناته، ليظهر في السماء على هيئة كرة ضوئية ساطعة لبضع ثوانٍ فقط. وأضاف أن ما قد يصل إلى سطح الأرض – في حال حدوثه – يقتصر عادة على قطع معدنية صغيرة جدًا، وغالبًا ما تسقط في مناطق نائية وغير مأهولة.
وأكد في ختام حديثه أن الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض عادة ما تتفكك خلال أسابيع أو أشهر عند فقدان التحكم، ما يجعل هذا النوع من الحوادث أقل خطورة بكثير مقارنة بسقوط الأقمار الثقيلة في المدارات العليا، مشددًا على أن مثل هذه الأحداث تُعد جزءًا طبيعيًا من النشاط الفضائي المتزايد حول كوكب الأرض.