فابيش.. محارب يقاتل بالجينات الوراثية

برز اسم جونا فابيش كواحد من أكثر العناصر تأثيرًا في صفوف منتخب زيمبابوي الأول لكرة القدم خلال مشاركته الحالية في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالمغرب. لاعب خط الوسط الشاب، الذي يجمع بين الطول الفارع والمهارة الفنية العالية، نجح في لفت الأنظار بفضل أدائه الدؤوب ومنظوره التكتيكي المتطور خلال مواجهتي «المحاربين» ضد كل من مصر وأنجولا، ليثبت أنه لم يرث من والده الراحل، رينهارد فابيش، الاسم فحسب، بل أيضًا جينات القيادة الكروية. ويعد رينهارد فابيش أسطورة حقيقية في تاريخ الكرة الإفريقية، فهو الاستراتيجي الألماني الذي قاد ثورة كروية في كينيا، حين صعد بالفريق إلى نهائي دورة الألعاب الإفريقية عام 1987، قبل أن ينتقل إلى زيمبابوي ليضع اللبنات الأولى لبناء منتخب قوي في الفترة ما بين 1992 و1994. وعلى الرغم من رحيله في عام 2008 بعد صراع مع مرض السرطان، لكن ابنه جونا، الذي كان في السابعة من عمره حينها، اختار إحياء هذا الإرث في البطولة القارية بعد مرور 17 عامًا على غياب والده. وفي حديث خاص نقلته «الألمانية» عن موقع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم «كاف» أكد جونا فابيش أن مسيرته تشكلت بتأثير مباشر من والديه، فوالده كان مدربًا أسطوريًا، ووالدته بطلة سابقة في سباقات 100 متر حواجز وحاملة الرقم القياسي الوطني في زيمبابوي. وأوضح جونا أن اختيار تمثيل زيمبابوي كان نابعًا من ارتباط عاطفي عميق، على الرغم من ولادته في كينيا عام 2001 وامتلاكه الجنسية الألمانية، مشيرًا إلى أنه فضل «المحاربين» على كافة الخيارات الأخرى بسبب نشأته مع والدته وحبه للبلد الذي كرس والده حياته لأجله. وقدم فابيش مستويات لافتة في البطولة القارية حتى الآن، حيث شارك في المباراة الافتتاحية التي خسرها فريقه بصعوبة أمام مصر 1ـ2، بعد هدف متأخر سجله محمد صلاح، قبل أن يسهم في حصد النقطة الأولى بالتعادل مع أنجولا بهدف لمثله. ووصف جونا مشاركته الأولى في الكأس القارية بأنها شرف عظيم ومسؤولية جسيمة، مؤكدًا أن اللعب على أكبر مسرح كروي في إفريقيا يمنحه دروسًا وثقة كبيرة للمستقبل. وأشار فابيش، الذي ينشط حاليًا مع نادي إرتسجيبيرجه آوه في دوري الدرجة الثالثة الألماني، إلى أن منتخب زيمبابوي كان قريبًا من تحقيق نتائج أفضل في أول جولتين لولا بعض التفاصيل الصغيرة ونقص التركيز في اللحظات الحاسمة. ويستعد منتخب زيمبابوي الآن لمواجهة مصيرية وحاسمة ضد جنوب إفريقيا الإثنين في مدينة مراكش، وهي المباراة التي لا بديل فيها عن الفوز للحفاظ على آمال العبور إلى دور الـ 16. وأكد فابيش شعوره بالفخر لارتداء قميص زيمبابوي ومواصلة الطريق الذي بدأه والده، مشددًا على أن قيم العمل الجاد والشغف التي تعلمها من عائلته هي ما يحفزه كل يوم للسعي نحو معادلة إنجازات والده والمساهمة في رفعة كرة القدم في موطنه الأصلي.