كيف تفضح الكلمات خفايا الشخصية المضطربة؟

كشفت أبحاث حديثة في علم النفس، أن اللغة اليومية التي يستخدمها الأفراد في الكتابة والتواصل قد تحمل مؤشرات دقيقة على أنماط التفكير والحالة العاطفية، بل وقد تعكس في بعض الحالات سمات اضطرابات في الشخصية، وفق دراسة علمية منشورة في دورية Journal of Personality Disorders ونقلها موقع ScienceAlert.وأوضحت الدراسة، أن الشخصية البشرية تتكوّن من سمات طبيعية تتعلق بطريقة التفكير والشعور والسلوك، إلا أن هذه السمات قد تتحول إلى عامل اضطراب عندما تصبح جامدة أو مفرطة أو تعيق الأداء اليومي، وهو ما ينعكس مباشرة على العلاقات الاجتماعية والصورة الذاتية والاستقرار النفسي.وبيّن الباحثون، أن اللغة تُعد مرآة مباشرة للحالة النفسية، إذ يميل الأشخاص الذين يعانون ضغوطاً نفسية أو اضطرابات في الشخصية إلى استخدام مفردات تركز على الذات، وتتسم بنبرة عاطفية سلبية، مع انخفاض واضح في الكلمات المرتبطة بالانتماء أو القرب الاجتماعي.واعتمدت الدراسة على تحليل حاسوبي للنصوص، شمل رسائل مكتوبة ومحادثات يومية ومنشورات رقمية، وجرى فحص أنماط لغوية لدى أكثر من 500 مشارك. وأظهرت النتائج، أن الأفراد ذوي المستويات الأعلى من اضطرابات الشخصية استخدموا لغة تتسم بالإلحاح، والتفكير الثنائي الحاد، والتركيز المكثف على المعاناة الذاتية.وفي دراسة موازية نُشرت في الدورية نفسها، لاحظ الباحثون أن الأزواج الذين يعاني أحد طرفيهم اضطراباً في الشخصية عبّروا عن مشاعر سلبية بوتيرة أعلى، حتى في مواقف تواصل عادية، ما يشير إلى انشغال داخلي دائم بالمشاعر السلبية.كما أظهر تحليل آلاف المنشورات في منصات النقاش، أن مستخدمين شخصوا أنفسهم باضطرابات شخصية استخدموا لغة أكثر انغلاقاً وتوتراً، مع ميل واضح للتعميم والتشاؤم، وهو ما عزز فرضية وجود نمط لغوي ثابت مرتبط بهذه الاضطرابات.وأكد الباحثون، أن هذه الأنماط لا تكون واعية في الغالب، بل تنشأ تلقائياً نتيجة تفاعل الانتباه والعاطفة وطريقة معالجة الأفكار، مشددين على أن تحليل اللغة قد يشكّل أداة مساعدة في الرصد المبكر للصحة النفسية، دون أن يكون بديلاً عن التشخيص الطبي المتخصص.