غنية الشيخي لـ«عكاظ»: مستقبل التدريب النسائي في المملكة واعد

أكدت المنقذة البحرية والمدربة ولاعبة السباحة غنية الشيخي، أن مستقبل التدريب النسائي في المملكة العربية السعودية، خصوصاً في مجالات الإنقاذ والسلامة المائية، مستقبل واعد ومزدهر جداً، ويتماشى تماماً مع أهداف رؤية 2030 لتمكين المرأة في مختلف القطاعات، كما تحدثت عن التحديات التي تواجه المنقذين، التي تراوح بين التحديات العملية والاجتماعية، جاء ذلك خلال لقاء «عكاظ» معها: • بدايةً حديثنا عنك، وكيف بدأتِ رحلتك في عالم السباحة والإنقاذ؟•• غنية الشيخي مدربة إنقاذ دولي، ومدربة سباحة، ومدربة رياضة إنقاذ، وحكم دولي في رياضة الإنقاذ، ومدربة وسائط بحرية حاصلة على دبلوم في أساسيات الملاحة البحرية، يشمل الخرائط والأدوات الملاحية، وتخطيط المسار، والقياسات البحرية، والسلامة والإنقاذ، والاستجابة للطوارئ، والمناورات والعمليات، وقانون التصادم البحري، ومعتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وحاصلة على شهادة من البورد الأمريكي الكندي، وكانت بداية تعلقي بالمسبح منذ الصغر، إذ كان والدي يصطحبني معه للسباحة في مسبح خزام الدولي في عمر السابعة، ومن هنا بدأ حبي للسباحة والتعلق الشديد بها.• كيف تبدو مهماتك اليومية خلال التدريب؟•• مهماتي اليومية كمنقذة ومدربة تدور حول مزيج من الاستعداد البدني واليقظة الذهنية والتدريب العملي، لا يمر يوم دون أن أكون في حالة تأهب قصوى، فالإنقاذ ليس مجرد وظيفة، بل هو أسلوب حياة.• ما أول عملية إنقاذ قمت بها، وكيف أثرت عليك؟•• أول عملية إنقاذ حقيقية قمت بها كانت تجربة محورية في حياتي، ولن أنساها ما حييت، كانت لسيدة انزلقت في مسبح عميق، لكن تمت الاستجابة قبل تدهور الحالة، والحالة الأخرى كانت لرجل في الثلاثين من العمر يحمل الجنسية الباكستانية، تم إنقاذه بلوح الإنقاذ «بورد الإنقاذ»، والحمد لله، الحالتان كانتا سليمتين، حينها أدركت قول اللّٰه تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً».• هل واجهت موقفاً لا يُنسى خلال مسيرتك؟•• نعم، بالتأكيد. المواقف التي لا تُنسى في مهنة الإنقاذ لا تقتصر فقط على سحب الغرقى، بل تشمل أيضاً حالات الإسعاف المتقدم التي تتطلب تدخلاً سريعاً ومباشراً، ومن أكثر المواقف رسوخاً في ذاكرتي لم يكن إنقاذاً من الغرق، بل كان حالة خلع كتف لشاب في العشرين من عمره، حدث ذلك بعد سقوطه المفاجئ على الشاطئ. كانت هذه أول حالة خلع كتف أتعامل معها بشكل مباشر، ولكنه كان موقفاً يستدعي التدخل الفوري، خصوصاً أنني كنت المتواجدة الأقرب والمؤهلة للتعامل مع إصابات العظام.• كيف ترين مستقبل التدريب النسائي في المملكة العربية السعودية؟•• أرى أن مستقبل التدريب النسائي في المملكة العربية السعودية، خصوصاً في مجالات الإنقاذ والسلامة المائية، مستقبل واعد ومزدهر جداً، ويتماشى تماماً مع أهداف رؤية 2030 لتمكين المرأة في مختلف القطاعات، ولم يعد الأمر مجرد اهتمام، بل أصبح هناك طلب حقيقي من العائلات والمدارس ومراكز السباحة لمدربات ومنقذات متخصصات، وأصبح ثقة المجتمع بالكوادر النسائية السعودية في هذا المجال تتزايد بشكل ملحوظ، ولم يعد التدريب يقتصر على تعليم السباحة فقط، بل توسع ليشمل التدريب على الإسعافات الأولية المتقدمة، ومهارات الإنقاذ البحري الاحترافي، والإشراف على سلامة الشواطئ والمسابح، ونحن المنقذات والمدربات، نتلقى الدعم ونعمل جاهدات لرفع مستوى الاحترافية والالتزام بالمعايير الدولية المعتمدة من الاتحاد السعودي للإنقاذ (S.L.S.F). هذا يضمن أن تكون المدربة السعودية قادرة على المنافسة محلياً وعالمياً.• ما أبرز التحديات التي تواجه المنقذين؟•• التحديات التي تواجه المنقذين متعددة، وهي تراوح بين التحديات العملية والاجتماعية، والتحدي الأبرز هو التعامل مع استخفاف بعض المرتادين بقواعد السلامة، والكثيرون يغامرون بالنزول إلى مناطق غير مخصصة للسباحة، أو ينزلون البحر في الأجواء المتقلبة، أو يتجاهلون الإشارات الحمراء، مما يضع حياتهم وحياة المنقذين في خطر، والتعامل مع هذا السلوك هو استنزاف مستمر للطاقة والتركيز، وعلى الرغم من جهودنا وجهود الجهات الحكومية، لا يزال هناك نقص في الثقافة المائية الشاملة، نحن نعمل على تجاوز هذه التحديات بالتعاون مع الاتحاد السعودي للإنقاذ، لنشر الوعي ورفع مستوى الاحترافية في الميدان.• وما نصائحك الذهبية لرواد الشاطئ؟•• نصائحي بسيطة، وتتلخص في مبدأ الاحترام والوعي تجاه البحر ومخاطره؛ لذلك لا تسبح بمفردك أبداً، هذه قاعدة أساسية، دائماً اجعل شخصاً معك أو على الأقل أبلغ شخصاً بمكان نزولك ووقت عودتك المتوقع، وتعرف على بيئتك، وانتبه للتيارات، وتأكد من حالة الطقس، والتزم بالسباحة في المناطق المخصصة والمراقبة من قبل المنقذين. إذا لم يكن هناك منقذون، فالمخاطرة لا تستحق، إذا سحبتك التيارات، لا تُقاومها في حالة الوقوع في تيار سحب (Rip)، لا تستهلك طاقتك بالسباحة عكس التيار، واسبح بشكل يومي لشاطئ حتى تخرج من نطاق التيار، ثم عد إلى الشاطئ، وبالنسبة لعلم الإنعاش القلبي الرئوي (CPR)، فأنصح الجميع بتعلم أساسيات الإسعافات الأولية والإنعاش، قد تكون أنت أول المستجيبين لإنقاذ حياة شخص عزيز عليك في أي مكان، وليس فقط في البحر، وتذكروا دائماً البحر للاستمتاع، وليس للمغامرة غير المحسوبة، وسلامتكم هي مسؤوليتنا، ولكن الحذر يبدأ منكم.• ما الذي يدفعك للاستمرار في هذه المهنة رغم صعوبتها؟•• ما يدفعني للاستمرار هو شعور الرضا والفخر الإنساني. عندما تنجح في إنقاذ روح، أو حتى في تدريب شخص يصبح منقذاً آخر، أو عندما ترى نظرة الامتنان الصادقة في عيون أهل شخص أعدته للحياة، تدرك أنك جزء من عمل نبيل جداً. الدافع الحقيقي هو رسالة هذه المهنة: أن أكون سداً منيعاً بين الخطر والحياة، وأن أساهم في بناء مجتمع أكثر وعياً بسلامته المائية.هذا الإحساس بأنك أحدثت فرقاً حقيقياً هو الوقود الذي يدفعني لتجاوز التحديات والنهوض كل صباح لأكون أكثر جاهزية من اليوم الذي سبقه.• كلمة أخيرة؟•• في الختام، أود أن أتوجه بخالص الشكر لصحيفة «عكاظ» على تسليط الضوء على مهنة الإنقاذ ودور المرأة السعودية فيها، دوركم الإعلامي حيوي جداً في رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية السلامة المائية، ورسالة أخيرة أوجهها لجميع القراء: سلامتكم أولويتنا، ولكنها تبدأ بقراركم الواعي. استمتعوا بشواطئ المملكة الجميلة، لكن تذكروا دائماً لا تترددوا أبداً في طلب المساعدة من المنقذين المتواجدين على الشاطئ، واستثمروا في أنفسكم وتعلموا السباحة والإسعافات الأولية، وأتمنى للجميع السلامة الدائمة، وأسأل اللّٰه أن يعيننا جميعاً على أداء هذه الرسالة الإنسانية النبيلة على أكمل وجه.