تستقبل “البلاد” مختلف الاستفسارات وطلبات الاستشارة القانونية. وجرى التعاون مع نخبة من المحامين المرموقين الذين تفضلوا بالموافقة على الإجابة عن استفسارات القراء، التي وصلت لبريد معد الزاوية (shaima.hussain@albiladpress.com) أو عبر حسابات “البلاد” بمنصات التواصل الاجتماعي. وللسائل ذكر اسمه إن رغب. ومعنا في زاوية اليوم المحامي السيد علي جعفر المحفوظ قمتُ بالتوقيع على ورقة دون قراءتها كاملة، ثم تبيّن لي أنها تتضمن التزامات كبيرة، فهل يجوز اعتبار العقد باطلًا أو أستطيع إلغاءه؟ ومتى يكون التوقيع مُلزِمًا قانونيًّا؟ «العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون»، ومؤدى ذلك أن التوقيع على العقد يُعد قرينة قانونية على توافر الرضا والالتزام بما ورد فيه. وبناءً عليه، فإن عدم قراءة العقد لا يُعد سببًا لإبطاله طالما كان الموقّع كامل الأهلية، وصدر توقيعه عن إرادة ظاهرة وسليمة، وكان محل العقد وسببه مشروعين وغير مخالفين للقانون أو للنظام العام، وذلك تطبيقًا لما قررته المادة (89) من القانون المدني البحريني أن العقد ينعقد بتلاقي الإيجاب والقبول متى صدر عن إرادتين سليمتين. غير أن المشرّع البحريني، حمايةً للإرادة الحقيقية، أجاز إبطال العقد إذا شاب الرضا أحد عيوب الإرادة، حيث نصّت المادة (122) على أن الرضا يكون معيبًا إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري، كما قضت المادة (123) بإبطال العقد إذا كان الرضا نتيجة تدليس باستعمال وسائل احتيالية أو كتمان أمر جوهري، ونصّت المادة (124) على أن الإكراه يعيب الرضا متى ولّد رهبة تحمل الشخص على التعاقد دون اختيار، وأجازت المادة (125) للمحكمة إبطال العقد أو إنقاص التزامات أحد الطرفين إذا ثبت الاستغلال المقترن بضعف أو حاجة، وكان من شأنه إحداث غبن فاحش، وبذلك فإن العبرة في صحة العقد ليست بمجرد وجود التوقيع، وإنما بسلامة الإرادة التي صدر عنها هذا التوقيع. حيث إن التوقيع يُنشئ الالتزام، لكن بقاء العقد مرهون بسلامة الرضا وفقًا لأحكام القانون. ونصيحة لذلك، اقرأ قبل أن توقّع، فالقانون لا يحمي الإهمال، لكن إذا ثبت أن توقيعك كان وليد غش أو إكراه أو استغلال فالقانون يمنحك الحق الكامل في الطعن على العقد.