استرداد قرابة المليون دينار لشركة تعرضت للخيانة

في حكم قضائي استئنافي يرسخ مبادئ العدل ويؤكد أن “العدالة لا تغفو عن الحق”، أصدرت محكمة الاستئناف العليا المدنية حكماً يقضي بتأييد إلزام مدير سابق بإحدى الشركات ذات المسؤولية المحدودة (المستأنف) بأن يؤدي للشركة مبلغ 865,453,318 دينارا بحرينيا، مع تعديل قضى بزيادة أتعاب الخبير المحاسبي ليكون 1500 دينار بدلاً من 500 دينار، وإلزامه بكافة المصاريف والرسوم القضائية. تعود تفاصيل النزاع إلى ما كشفته المرافعات الختامية التي قدمها وكيلا الشركة المدعية -المستأنف ضدها- المحاميين صلاح القطان وحسن ميلاد، والتي وصفت القضية بأنها “ليست مجرد خلاف في الرأي، بل هي خيانة للأمانة وغدر مستتر تحت ستار الصلة والقربى”، فقد أثبتت التقارير المحاسبية أن المستأنف - وهو أخ باقي الشركاء - قد استغل ثقة مورثه والورثة فيما بعد طوال فترة إدارته للشركة التي امتدت حتى عام 2020، ليعتدي على أموال الشركة عبر سحوبات مليونيّة وتجيير أصولها لمصلحة مؤسسته الفردية الخاصة. ومن بين التجاوزات التي حسمها الحكم، قيام المدير السابق ببيع عدة أراضٍ مملوكة للشركة المستأنف ضدها دون توريد أثمانها في حساباتها، وصرف شيكات لحسابه الشخصي ولأشخاص ذوي علاقة به دون مستندات ثبوتية، فضلًا عن تحميله الشركة مصروفات تشغيل مؤسسته الفردية، واقتراض مبالغ باسم الشركة وإيداعها في حساباته الخاصة؛ وهي ممارسات وصفتها مذكرات الدفاع بأنها جعلت من مال الشركة “مرتعاً للاستغلال والإثراء بغير حق”. وأفاد وكيلا الشركة المدعية – المستأنف ضدها –  المحاميان القطان وميلاد، بأن محكمة الاستئناف قد حطمت كافة حصون التنصل التي حاول المدعى عليه -المستأنف- الاحتماء خلفها، حيث تم دحض دفعه بـ التقادم وثبوت استمرار مسؤوليته حتى عام 2020، كما تم إسقاط دفعه بوجود حكم تحكيم سابق، حيث أكد وكيلا المدعية أن ما يدعيه لم يكن سوى وساطة تفتقر لأبسط الشروط القانونية ولا تحوز أي حجية، وهو ما تبنته المحكمة في حيثيات حكمها. كما أشار القطان إلى أن المحكمة اطمأنت تمامًا لتقارير الخبرة التي كشفت التداخل بين حسابات الشركة والحسابات الشخصية للمدير، ورفضت المحكمة تقرير خبير المستأنف التي حاول تقديمها “كتسلل” بعد فوات الميعاد، والتي كانت في جوهرها عاجزة عن تبرئة ذمة المستأنف من المبالغ المطالب بها والتجاوزات التي ثبتت يقينًا بحقه. وأكد ميلاد أن هذا الحكم يمثل “مفتاحًا للإنصاف وصرخة لرد الضياع”، مشددًا على أن مسؤولية مديري الشركات ذات المسؤولية المحدودة لا تسقط إلا بانقضاء خمس سنوات من تاريخ اعتماد الجمعية العمومية للحسابات وإبراء ذمتهم قانونًا، وهو ما لم يتحقق في هذه الواقعة، مما جعل المدير محاصرًا بقوة القانون وردع القضاء. ختامًا، يُعد هذا الحكم الاستئنافي خطوة جسورة في حماية الاقتصاد الوطني وحقوق الشركاء، ويؤكد أن القضاء البحريني يضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه العبث بأمانة الإدارة أو استغلال صلة القرابة للإضرار بالحقوق المالية للغير.