- نموذج وطني متكامل يجمع بين الجودة الطبية والتخطيط الإستراتيجي - إنجازات نوعية وتقنيات حديثة تثبت ريادة قطر إقليميًا وعالميًا - شراكات نوعية لتقليل فترات الانتظار وتحسين الوصول للخدمات الطبية - توسع في الطاقة الاستيعابية وتوظيف التكنولوجيا لتطوير تجربة المرضى - نجاحات لافتة في برامج التطعيم وسلامة الغذاء وتعزيز الصحة الوقائية - تحول رقمي يقوده «لبّيه» ويضع المرضى في قلب التجربة الصحية - رعاية متقدمة لكبار السن وبرامج متكاملة لتحسين جودة الحياة - مشروعات مستقبلية تشمل مختبرات وطنية ونظماً رقمية وتجديد مرافق طبية شهد القطاع الصحي في دولة قطر خلال عام 2025 مرحلة استثنائية اتسمت بتسارع وتيرة التطوير، وتنامي القدرة المؤسسية على تقديم خدمات صحية حديثة ومتكاملة، تعكس نضجًا واضحًا في التخطيط والتنفيذ وإدارة الموارد. ولم يعد القطاع الصحي مجرد جهاز خدمي يؤدي دوره التقليدي، بل أصبح أحد أهم محركات التنمية الوطنية، وركيزة جوهرية لضمان جودة الحياة وتعزيز الأمن الصحي للمجتمع بأسره، تماشيًا مع رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجية الوطنية للصحة للفترة 2024 – 2030، اللتين تشكلان الإطار المرجعي لإعادة صياغة مستقبل الرعاية الصحية في الدولة. وتولت وزارة الصحة العامة، إلى جانب مؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، قيادة هذا التحول الكبير من خلال منظومة صحية متكاملة تتشارك المسؤوليات وتوحّد الجهود وتعمل وفق رؤية واحدة، هدفها بناء نظام صحي متطور، يعمل بكفاءة عالية، ويضع احتياجات الإنسان في مقدمة الأولويات، ويعتمد التكنولوجيا الحديثة والابتكار العلمي بوصفهما ركيزتين أساسيتين في صناعة المستقبل الصحي للدولة. أثبتت دولة قطر خلال العام المنصرم قدرتها على تثبيت مكانتها المتقدمة في المؤشرات الصحية العالمية، حيث جاءت في صدارة الدول العربية وفي المرتبة الثامنة عشرة عالميًا وفق مؤشر "نامبيو" المخصص لتقييم جودة الخدمات الصحية حول العالم. ويعكس هذا التصنيف تقديرًا دوليًا واضحًا لكفاءة النظام الصحي القطري، وقدرته على توفير خدمات علاجية ووقائية ذات جودة عالية، وبنية تحتية متطورة، ونظام تشغيل يعتمد على أفضل المعايير العالمية. ويرتكز هذا النجاح على قاعدة بشرية مؤهلة تمثل العمود الفقري للقطاع الصحي، إذ يعمل في هذا القطاع نحو 58 ألف موظف من الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين في القطاعين العام والخاص، يشكلون منظومة مهنية تعمل بتناغم لضمان وصول المرضى إلى خدمة صحية متميزة. كما تعزز الطاقة الاستيعابية للقطاع وجود 5485 سريراً موزعة على المستشفيات والمراكز الصحية في الدولة، بما يسمح بالتعامل مع الطلب المتزايد على الخدمات الطبية، ومواكبة التوسع السكاني والعمراني. ولا يقتصر التطوير على الجانب التشغيلي، بل يمتد ليشمل بنية معلوماتية حديثة تدعم الأتمتة وتبادل البيانات الطبية بين مختلف المنشآت الصحية، ما يسهم في تحسين كفاءة الخدمة وتسريع اتخاذ القرار الطبي. وفي الوقت نفسه، تواصل الدولة دعم البحوث الصحية بوصفها عنصرًا أساسيًا لتطوير السياسات وتحسين جودة الرعاية، بما يضمن أن تكون الخطط الصحية مبنية على المعرفة والدليل العلمي. - قرارات عملية لخدمة المرضى كان عام 2025 عامًا عكست فيه مؤسسة حمد الطبية نهجًا مرنًا في إدارة التحديات الصحية، لا سيما تلك المتعلقة بفترات الانتظار لبعض الخدمات المتخصصة. وفي إطار سعيها المستمر لضمان رعاية سريعة وذات جودة عالية، أبرمت المؤسسة اتفاقيات تعاون مع عدد من المستشفيات الخاصة لإحالة المرضى القطريين ممن تتطلب حالتهم العلاج السريع، الأمر الذي خلق منظومة تعاون تكاملي بين القطاعين العام والخاص تعمل تحت مظلة تنظيمية موحدة، وتضمن استمرار الالتزام بمعايير الجودة التي عرفت بها المؤسسة. وفي الاتجاه ذاته، واصل البرنامج الوطني للتطعيم دوره الحيوي كأحد أعمدة الصحة الوقائية في قطر، محققًا تغطية تجاوزت 95% لمعظم اللقاحات الأساسية للأطفال، وهو مستوى يعكس وعي المجتمع وثقته في المنظومة الصحية، ويساهم في تعزيز الحماية الصحية للأجيال القادمة وتقليل معدلات انتشار الأمراض المعدية. أما في قطاع سلامة الغذاء، فقد تم إعداد خطة وطنية متكاملة تمتد لخمس سنوات لتعزيز الرقابة الصحية على الأغذية المحلية والمستوردة، إلى جانب تجديد الاعتماد الدولي وفق المواصفة العالمية ISO 17020 من ديوان الاعتماد الأمريكي، وهو إنجاز يعزز مصداقية النظام الوطني للرقابة الغذائية ويؤكد التزام الدولة بتوفير غذاء آمن وصحي. - رقمنة الصحة.. نحو طب المستقبل يمثل التحول الرقمي أحد أبرز مسارات التطوير الصحي في دولة قطر، وقد شكّل إطلاق تطبيق “لبّيه” محطة مهمة في هذا المسار، حيث أصبح بإمكان المرضى إدارة مواعيدهم الطبية بكل سهولة، والاطلاع على ملفاتهم الصحية ونتائج الفحوصات والوصفات الطبية إلكترونيًا، مع تلقي التنبيهات والتذكيرات اللازمة. ويعود هذا التطور بفائدة كبيرة على تجربة المرضى، إذ يمنحهم دورًا فاعلاً في متابعة حالتهم الصحية، ويقرّب الخدمات الطبية إلى متناولهم بوسائل حديثة وسهلة الاستخدام. - رعاية نوعية لكبار السن من الجوانب اللافتة خلال العام الماضي الاهتمام الكبير الذي أولته المنظومة الصحية لفئة كبار السن، إيمانًا بأن الرعاية الصحية لا تقتصر على العلاج فقط، بل تشمل الارتقاء بجودة الحياة وضمان استقلالية الأفراد وقدرتهم على ممارسة أنشطتهم اليومية. وفي هذا السياق، افتتحت مؤسسة حمد الطبية عيادة متخصصة للعلاج الطبيعي العضلي الهيكلي لكبار القدر بمركز قطر لإعادة التأهيل، تقدم برامج علاجية متكاملة تعزز القوة البدنية والمرونة وتقلل من المشكلات الصحية المرتبطة بمرحلة الشيخوخة. كما شهد العام افتتاح عيادة للرعاية المتكاملة لكبار القدر في مركز المشاف الصحي، ضمن برنامج وطني يعمل بالشراكة بين مؤسسة الرعاية الصحية الأولية ومستشفى الرميلة، وهو امتداد لتجربة أول عيادة للرعاية المتكاملة التي أطلقت في مركز الوجبة الصحي عام 2023. وتأتي هذه الجهود في إطار كون قطر أول دولة في الشرق الأوسط تطبق إطار عمل منظمة الصحة العالمية للرعاية المتكاملة لكبار السن. - إنجازات طبية غير مسبوقة على الصعيد الطبي، حققت مؤسسة حمد الطبية إنجازات بارزة تعكس مستوى التقدم الذي وصلت إليه المنظومة الصحية في قطر. فقد بدأ مستشفى القلب في استخدام نظام FARAVIEW المتطور لعلاج الرجفان الأذيني، لتكون قطر أول دولة في الشرق الأوسط وخارج أوروبا والولايات المتحدة تعتمد هذه التقنية المتقدمة التي تتيح رؤية دقيقة لأنسجة القلب، مما يساعد على تقليل مدة الإجراء وزيادة دقته وتحسين نتائج العلاج. وفي حدث يعد علامة فارقة في تاريخ القطاع الصحي، تم إجراء أول عملية زراعة قلب ناجحة داخل الدولة، وهو إنجاز طبي تاريخي يؤكد تطور برامج زراعة الأعضاء في قطر، وامتلاكها كوادر طبية مؤهلة وتجهيزات حديثة قادرة على تنفيذ أدق وأصعب العمليات. كما تم إدخال أنظمة حديثة لتفتيت حصوات الكلى بالموجات التصادمية دون تدخل جراحي، إلى جانب بدء إجراء عمليات استبدال مفصل الكاحل الكلي للمرة الأولى في قطر، ما فتح آفاقًا علاجية جديدة للمرضى الذين كانت خياراتهم الطبية محدودة في السابق. - تعليم طبي على مستوى عالمي وفي سياق رفع كفاءة الكوادر الصحية، حققت وزارة الصحة العامة إنجازًا مهمًا بحصول النظام الوطني لاعتماد التطوير المهني المستمر على اعتراف دولي من الاتحاد العالمي للتعليم الطبي، إلى جانب اعتماد ثلاث جهات عالمية رائدة حتى عام 2030. ويضمن هذا الاعتراف استدامة تطوير المهارات الطبية والسريرية للكوادر العاملة، ويرسخ مكانة قطر مركزًا إقليميًا للتعليم الطبي المستمر. - مشاريع ترسم ملامح المستقبل لا تقف جهود القطاع الصحي عند حدود الإنجازات الحالية، بل تمتد إلى تخطيط دقيق لمشروعات استراتيجية ستسهم في تعزيز جاهزية المنظومة الصحية خلال السنوات المقبلة. ومن بين أهم المشاريع المرتقبة مشروع المختبرات الوطنية للصحة الذي سيقام على مساحة تقدر بنحو 40 ألف متر مربع، ليضم منظومة مختبرية متعددة التخصصات تدعم البرامج الوقائية وتخدم مجالات الأمراض والصحة البيئية وسلامة الغذاء والدواء. وتتواصل الجهود لوضع مؤشرات الأداء التشغيلية الخاصة باستراتيجية الصحة الوطنية الثالثة بما يضمن تنفيذ مشاريعها على مدى سبع سنوات وتحقيق أهداف نوعية، أبرزها زيادة متوسط العمر المتوقع إلى 82.6 عامًا، وخفض الوفيات الناتجة عن الأمراض غير السارية بنسبة 36%، ورفع مستوى النشاط البدني بين البالغين. وفي الوقت نفسه، يجري العمل على تطوير أنظمة حديثة لرصد الأداء المؤسسي داخل وزارة الصحة العامة، إلى جانب تنفيذ استراتيجية الأمن الدوائي، وتطوير إطار وطني للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإنشاء منظومة إلكترونية متكاملة تدعم اتخاذ القرار المبني على البيانات. كما تشمل الخطط المستقبلية تحديث سياسات ممارسة المهن الصحية وتوسيع نطاق التخصصات الطبية والمساعدة، وتطوير التشريعات المرتبطة بالبحث الصحي، وتعزيز الإطار التنظيمي المرتبط باللجان الوطنية المعنية بالصحة العامة واللوائح الصحية الدولية. ويمتد التحضير للمستقبل ليشمل تعزيز برامج الوقاية، ومنها تطوير برنامج وطني لفحص النظر في المدارس، تحديث أنظمة الصيدلة، وإطلاق منصات رقمية تعتمد الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن أمراض القلب والعيون. كما يجري العمل على تحسين نظام الإحالات الطبية، وإنشاء منصة رقمية موحدة لتبادل الصور الطبية بين الجهات الصحية المختلفة لضمان دقة البيانات وتسريع تقديم الخدمة. - تجديد مستشفى حمد العام يشكل مشروع تجديد مستشفى حمد العام خطوة مهمة لتطوير أحد أهم الصروح الطبية في الدولة، حيث ستبدأ المرحلة الأولى بإضافة غرف فردية للمرضى وتزويد المستشفى بأنظمة تقنية حديثة تدعم جودة الرعاية وتُحسن تجربة المرضى. ومن جانب آخر، تعمل الجهات الصحية على تثبيت منظومة وطنية متطورة لسلامة الغذاء من خلال إعداد قانون جديد للغذاء وإنشاء هيئة عامة لسلامة الغذاء، إلى جانب تأسيس لجنة وطنية استشارية تضم الجهات المعنية، وتفعيل أنظمة حديثة لسحب واسترداد المنتجات الغذائية غير الآمنة، وإطلاق تطبيقات ذكية لدعم جهود التفتيش والرقابة. كما يتم إعداد خطة وطنية للأمن الصحي بناءً على تقييمات دولية متقدمة، إلى جانب تنفيذ دراسات بحثية متخصصة في مجالات الصحة البيئية، وتحليل المخاطر الصحية، ودراسة تأثيرات العوامل البيئية على صحة المجتمع. - توسعة مركز "نوفر" ومن المشاريع البارزة إطلاق المرحلة الثانية من تطوير مركز “نوفر” للعلاج والتأهيل، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية وتوسيع الخدمات العلاجية، بما يشمل برامج بديلة للعقوبة، وخدمات علاج داخل المؤسسات العقابية، وبرامج متخصصة للرياضيين، إضافة إلى تعزيز الشراكات الوطنية لتقليل المخاطر المتعلقة بتعاطي المواد المخدرة. - الرعاية الصحية الأولية واصلت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية دورها الحيوي بوصفها الدرع الوقائي الأول للمجتمع، حيث ركزت على تعزيز برامج الكشف المبكر عن الأمراض، وتقديم خدمات متكاملة لإدارة الحالات المزمنة، إلى جانب الاهتمام بالصحة النفسية، والعمل على نشر الوعي الصحي وتعزيز السلوكيات الإيجابية لدى المواطنين والمقيمين. وأسهم هذا النهج في تقليل العبء على المستشفيات التخصصية، وتقديم رعاية أكثر قربًا من احتياجات المجتمع، بما يدعم بناء مجتمع يتمتع بصحة أفضل وقدرة أعلى على مواجهة التحديات الصحية. - تعليم طبي على مستوى عالمي وفي سياق رفع كفاءة الكوادر الصحية، حققت وزارة الصحة العامة إنجازًا مهمًا بحصول النظام الوطني لاعتماد التطوير المهني المستمر على اعتراف دولي من الاتحاد العالمي للتعليم الطبي، إلى جانب اعتماد ثلاث جهات عالمية رائدة حتى عام 2030. ويضمن هذا الاعتراف استدامة تطوير المهارات الطبية والسريرية للكوادر العاملة، ويرسخ مكانة قطر مركزًا إقليميًا للتعليم الطبي المستمر. - ترسيخ الدور العلمي لقطر لم يقتصر نشاط القطاع الصحي على تقديم الخدمات، بل تجاوز ذلك إلى ترسيخ دوره العلمي والمعرفي إقليميًا وعالميًا. فقد نظمت مؤسسة حمد الطبية منتدى الشرق الأوسط للرعاية المرتكزة على الفرد في أكتوبر 2025، والذي جمع قيادات صحية وخبراء دوليين لمناقشة الاتجاهات الحديثة في أنظمة الرعاية الصحية، ودور الابتكار والتحول الرقمي في تحسين الأداء والخدمة. كما عكس المؤتمر الدولي السادس للرعاية الصحية الأولية – قطر 2025 مكانة الدولة كمركز علمي مهم في هذا المجال، حيث تناول قضايا كبرى مثل التحول الصحي الشامل، الابتكار الطبي، الصحة النفسية، السمنة، وتطوير السياسات الصحية، مؤكداً أهمية الاستثمار في الرعاية الأولية بوصفها خط الدفاع الأول لحماية صحة المجتمع. بهذه الإنجازات الواسعة والرؤى المستقبلية الواضحة، يثبت القطاع الصحي في قطر أنه يسير وفق مسار مدروس يعزز مكانة الدولة كنموذج متقدم إقليميًا وعالميًا في الرعاية الصحية الحديثة. ومع مواصلة العمل بروح تكاملية بين وزارة الصحة العامة ومؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، تتجه قطر نحو منظومة صحية أكثر نضجًا، وأكثر قدرة على حماية المجتمع، وأكثر جاهزية لمستقبل صحي مستدام يضع الإنسان في قلب الاهتمام.