لدى مجتمعنا ذاكرة متأخرة تجاه مثقفيه، لا يتذكرهم إلا بعد موتهم ولا يكرمهم إلا بعد دفنهم، وكأن الرحيل إيذان بالحضور، والموت إعادة للحياة !لماذا يتذكر البعض المثقف فجأة عند موته، فيحتفي به بعد رحيله وكأنه يعاني من تأنيب ضمير تجاهه في حياته ويكفر عن ذنب نسيانه ؟!يرحل المثقف فتمتلئ منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات الرثاء، ودعوات التكريم واستدعاء الذكريات ونفض الغبار عن الصداقات، يعيش المثقف قبل رحيله في عزلة، يعاني من الوحدة ويعبر في آخر أيامه عن برودة معيشتها وقسوة وحدتها، فلا يسمع أنينه إلا صدى بعد غيابه، يتردد في وادٍ عميق من الفراغ الموحش !ما أقسى الحياة حين يكون الموت تذكيراً بها، وما أقسى أن يعود الميت لنفس عزلة حياته عندما يعود النسيان لغفوته بعد انتهاء أيام العزاء !