قبلت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الاستئناف الذي تقدم به موظف بوزارة التربية والتعليم واثنان آخران آسيويان لقيامهم بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام عبر إدخال وتحريف بيانات وتزوير معلومات في النظام الإلكتروني الخاص بالوزارة في محررات خاصة واستعمالها، بمبالغ تجاوزت 5 آلاف دينار، وقضت بتعديل حكمها على المستأنفين الثلاثة، إذ قضت بمعاقبة المستأنف الأول بالحبس لمدة سنة واحدة وتغريمه مبلغ 1570 دينارًا و900 فلس، وإلزامه برد ذات المبلغ، وتعديل العقوبة السالبة للحرية للمتهمين الثاني والثالث وجعلها الحبس لمدة 6 أشهر لكل منهما، وإلغاء عقوبة الإبعاد وتأييد تغريمهما ورد المبالغ المختلسة. وكانت محكمة أول درجة قد قضت بسجن المتهم الأول لمدة ثلاث سنوات، وإلزامه برد المبلغ المُختلس وقدره 5 آلاف و448 دينارًا بحرينيًا، وبغرامة تساوي المبلغ المُختلس، وحبس المتهمين الثاني والثالث لمدة سنة لكل منهما، وإلزامهما برد المبالغ المُختلسة بإجمالي مبلغ 1661 دينارًا، وبغرامة تساوي مقدار المبلغ المُختلس، وبإبعادهما نهائيًّا عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة. وقالت المحكمة في حيثيات تخفيف الحكم على المستأنفين إنه، وفي مجال تقدير العقوبة، فإنها ترى في ظروف الدعوى أخذ المستأنف الأول بجانب من الرأفة عملًا بنص المادة 72 من قانون العقوبات وتعديلها لمبلغ الغرامة، وتعديل العقوبة السالبة للحرية للمتهمين الثاني والثالث، كون الآخرين موجودين في البلاد منذ سنوات طويلة، ولم يثبت ارتكابهم طوال تلك الفترة أي جرائم تدل على خطورة، كما أن ما نُسب إليهما من جرم لا يعد خطورة إجرامية تهدد أمن المملكة، ما ترى معه المحكمة أن الإبعاد يشكل تهديدًا لمستقبلهم وأسرهم، وهو ما تقضي معه بإلغاء الإبعاد. وتشير تفاصيل الواقعة إلى أنه في ظل أعمال الرقابة المالية والإدارية التي باشرتها وزارة التربية والتعليم في العام 2024 على المدارس، تبيَّن للقسم وجود ملاحظات مالية متعلقة بفواتير ومصروفات مدرسة حكومية، وعليه تم تشكيل لجنة تحقيق إدارية وإحالة أعضاء اللجنة المالية بالمدرسة للتحقيق الإداري، وضمنهم المتهم الأول الذي يعمل بالمدرسة. وخلصت اللجنة، بعد قيامها بدراسة جميع المستندات وإجراء الاجتماعات والزيارات الميدانية في المدرسة، إلى وجود عدد من الفواتير الوهمية والمحرفة والمشكوك في صحتها من محلات تجارية عدة لمدة 5 سنوات دراسية منذ العام 2019 - 2020 حتى 2023 - 2024. وخلصت اللجنة إلى أن أوجه الشبه بالفواتير تعود إلى كون عددٍ من تلك المحلات التجارية أصدرت الفواتير بعد إلغاء سجلها التجاري، كما أن عددًا من الفواتير تم تصميمها عن طريق برنامج (Word)، وهي غير معتمدة من التجار، ولا توجد مبالغ ضريبية بها، فضلًا عن وجود سندات مالية لفواتير لا تتضمن تواقيع المستلمين للأموال التي تم صرفها من ميزانية المدرسة، ومعظم الفواتير تم صرفها نقدًا بشكل متعمد عبر تجزئتها في فواتير عدة؛ بهدف الدفع النقدي لها، وعدم صرفها كشيك حسب متطلبات الوزارة، إذ تبيَّن أن المتهم الأول هو المسؤول عن كل ذلك. وتبيَّن وجود 4 معاملات فواتير تتضمن اختلافًا في قيمة الفواتير الصحيحة الصادرة من المؤسسة وبين الفواتير الموجودة في المدرسة التي تم على أساسها صرف المبالغ من ميزانية المدرسة، بحيث يكون المبلغ أقل في فواتير المؤسسات التجارية، وقد استلم المتهم الثالث الفارق من المبلغ. كما تبيَّن وجود 13 فاتورة ملغاة، و46 معاملة تخص شركة متخصصة في المقاولات والتنظيفات والصيانة، والتي تبيَّن أن من يديرها فعليًا هو المتهم الأول، ولا يمكن التحقق من الخدمات أو السلع التي تم توفيرها للمدرسة من قبل الشركة. وباستجواب المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة، أقر بأنه اتفق مع المتهم الثاني على تحرير فواتير وهمية لخدمات وسلع تم توريدها للمدرسة خلافًا للحقيقة، مبررًا فعله بتسليم أجور للمنظفين الذين استعان بهم، مضيفًا أنه طلب من المتهم الثاني كذلك كتابة وصف المواد بشكل مغاير للحقيقة في الفواتير وسندات الصرف الرسمية التابعة لوزارة التربية والتعليم لتفادي تقديم طلب نظامي للمعنيين بالوزارة للموافقة على شراء تلك الأجهزة، وتجنبًا للإجراءات الإدارية الصحيحة المتبعة بذلك. وأوضح أنه المعني بإدارة سجل شركة المقاولات والتنظيفات والصيانة المملوكة لزوجته، مبينا في السياق ذاته أنه استلم بعض المبالغ التي تم صرفها من ميزانية المدرسة بموجب الفواتير الصادرة عن تلك المؤسسة. وباستجواب المتهم الثاني، أقر بتزويره فواتير صادرة من الشركة التي يديرها، وذلك بناءً على طلب المتهم الأول، مضيفا أن الأخير كان يطلب منه تدوين ما يفيد إلغاء بعض الفواتير، وفي ذات الوقت يطلب منه تحرير فاتورة تتضمن ذات البيانات وكمية الأغراض التي تم جلبها، ويطلب منه كذلك تزويده بفواتير وهمية بغية صرف أموال من ميزانية المدرسة دون توريد أي أدوات أو مستلزمات للمدرسة. فيما أفاد المتهم الثالث بأنه طلب من المتهم الأول تسليمه أجرًا يدويًا، فطلب منه الأخير أن يقوم بتزويده بفواتير حتى يتمكن من صرف أجره، وعليه أصدر فواتير من شركة تتضمن إدراج سلع لم يقم بأخذها من الأساس ولم يتم تسليمها للمدرسة، وفواتير أخرى تفيد استئجار سلع على غير الحقيقة تساوي قيمة أجره، وأنه سيقوم بترجيعها. وكانت النيابة العامة قد اتهمت المتهم الأول، كونه موظفًا بقسم الشؤون المالية والإدارية بالمدرسة، بالاستيلاء بغير حق على المال المملوك للمدرسة بإجمالي مبلغ 5 آلاف و448 دينارًا و130 فلسًا، بأن استغل وظيفته وأصدر قرارات بصرف المبالغ من ميزانية المدرسة تحت زعم شراء مستلزمات وتغطية نفقات صيانة المدرسة، مستعينًا بذلك بفواتير وهمية غير صحيحة مُدوَّن بها المبالغ. كما استغل وظيفته وسهَّل للمتهم الثالث الاستيلاء على مبلغ 153 دينارًا و496 فلسًا بغير حق، فضلًا عن قيامه بالاشتراك بطريقتي الاتفاق والمساعدة مع آخر حسن النية بإدخال بيانات غير صحيحة بوسيلة تقنية المعلومات الخاصة بوزارة التربية والتعليم، على نحوٍ من شأنه إظهارها في صورة بيانات صحيحة بنية استعمالها، بإدخاله في النظام الإلكتروني الخاص بالوزارة فواتير كاذبة ووهمية وملغاة تفيد توريد مستلزمات للمدرسة. واشترك كذلك مع آخر بارتكاب تزوير في سجلات إلكترونية بتحريف الحقيقة، واستخدم المحررات المزورة مع علمه بتزويرها. كما اتُّهم المتهم الثاني بأنه اشترك بطريقتي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمته عن طريق إمداده بفواتير وهمية، واشترك معه كذلك بتزوير الفواتير بمعلومات غير صحيحة. واتُّهم المتهم الثالث بأنه اشترك بطريقتي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول بارتكاب الجريمة عن طريق تزويد المتهم الأول بفواتير وهمية وتزوير فواتير لأغراض لم يتم تسليمها بالأساس.