أكدت خبيرة استراتيجيات التحول الرقمي الدكتورة هيفا البرقاوي، أن التقنية لم تعد خياراً ترفيهياً في المنظومة التعليمية بل ركيزة وجودية لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.
ودعت إلى دمج القيم الأخلاقية والهوية الوطنية داخل الخوارزميات التعليمية، لضمان تخريج جيل واعٍ قادر على الموازنة بين الانفتاح التقني والحفاظ على الموروث الثقافي، وذلك في قراءة تحليلية لواقع ومستقبل التعليم الرقمي في المملكة.
نقلة نوعية
وصفت البرقاوي التحول الرقمي بأنه أحدث نقلة نوعية حقيقية أعادت تشكيل خارطة التعليم، متجاوزاً حدود الجغرافيا ليجعل من ”التعليم النوعي“ حقاً متاحاً للجميع بغض النظر عن المسافة أو الموقع.
وشددت الخبيرة في شؤون التعليم على أن الرقمنة أعادت تعريف مفهومي ”المسافة“ و”الفرصة“، مما مكن الطلاب من الوصول إلى مصادر المعرفة في أي وقت، محولةً العالم الافتراضي إلى فصل دراسي مفتوح ومستدام.
سطوة الشاشات
فندت البرقاوي المخاوف المتزايدة بشأن تراجع القيم التربوية أمام سطوة الشاشات، مؤكدة أن التقنية صُممت لتكون ”أداة داعمة“ توسع أثر المعلم ولا تلغي دوره المحوري كقائد للعملية التربوية وموجه للسلوك.
وطالبت الدكتورة هيفا بضرورة ”أنسنة المحتوى الرقمي“ عبر تضمينه قيمًا أخلاقية وسلوكية، تشمل تعزيز مفاهيم احترام الملكية الفكرية، ومكافحة التنمر الإلكتروني، والتدريب على فرز الأخبار المضللة ضمن إطار التربية الإعلامية.
توازن صحي
اعتبرت البرقاوي أن الشراكة مع الأسرة هي ”حجر الزاوية“ في نجاح هذه المنظومة، حيث يسهم وعي أولياء الأمور بآليات المتابعة في بناء ”لياقة رقمية“ لدى الأبناء تضمن التوازن الصحي بين الحياة الافتراضية والواقع الأسري.
وقللت خبيرة التحول الرقمي من حجم التحديات اللوجستية التي تواجه المدارس بفضل الدعم الحكومي السخي، مشيرة إلى أن التحدي الحقيقي والوحيد هو ”السرعة القياسية“ لتطور التقنيات، وهو ما وصفته بالتحدي الإيجابي المحفز للتطوير المستمر.
استراتيجيات حديثة
استعرضت البرقاوي حزمة من الاستراتيجيات الحديثة كالتعليم المدمج والمحاكاة، مؤكدة قدرتها على تفجير طاقات الإبداع والتفكير النقدي لدى الطلاب، بعيداً عن أساليب التلقين التقليدية التي عفى عليها الزمن.
ورسمت الخبيرة صورة لمستقبل التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، واصفة إياه ب ”التعليم المفصل“، الذي يتيح مسارات خاصة تناسب قدرات كل طالب، ويقدم تجارب غامرة عبر مختبرات افتراضية دقيقة.
واختتمت البرقاوي رؤيتها بالتأكيد على أن التقنية الحديثة هي الحاضنة المثلى للهوية الوطنية، داعية لاستثمار الواقع المعزز لتقديم الموروث الثقافي واللغة العربية بأسلوب عصري ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.