احزاب سياسية تحذر من خلل بنيوي وسياسات تضغط على الضمان الاجتماعي #عاجل

تبنّت أحزاب سياسية (حزب الوحدة الشعبية، حزب الشعب الديمقراطي، الحزب الشيوعي الأردني) القراءة النقدية التي أعدّها الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، الدكتور فهمي الكتوت، حول الدراسة الاكتوارية الأخيرة لوضع مؤسسة الضمان الاجتماعي. وأشار الدكتور الكتوت في الورقة النقدية التي جاءت تحت عنوان "الضمان الاجتماعي بين الخلل البنيوي وخيارات السياسات العامة" إلى أن "التقارير الاكتوارية المتعاقبة لمؤسسة الضمان الاجتماعي تُظهر تباينًا لافتًا في تقدير سنة التعادل بين الإيرادات والنفقات، ما يثير تساؤلات جدّية حول منهجية هذه الدراسات، ودقّتها، ومدى انعكاس التحولات الاقتصادية والاجتماعية الفعلية على نتائجها". ولفت الكتوت إلى الكلف المرتفعة والنتائج الاجتماعية للتقاعد المبكر والسياسات الاقتصادية الأخرى التي تضغط على الضمان، إلى جانب مخاطر الاقتراض الحكومي من صندوق استثمار أموال الضمان. وتاليا نصّ الورقة: الضمان الاجتماعي بين الخلل البنيوي وخيارات السياسات العامة قراءة نقدية في الدراسة الاكتوارية 2025 حشد – الورقة التي قدمتها أحزاب : الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني / الحزب الشيوعي الاردني / حزب الشعب الديمقراطي الاردني (حشد) الى الاجتماع الذي دعا له المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتاريخ 29/12/2025 م حول الدراسة الاكتوارية الاخيرة لمؤسسة الضمان الاجتماعي . وقام بعرضها في الاجتماع الرفيق فهمي الكتوت الامين العام للحزب الشيوعي الاردني . فيما يلي نصها : الضمان الاجتماعي بين الخلل البنيوي وخيارات السياسات العامة قراءة نقدية في الدراسة الاكتوارية 2025 تُظهر التقارير الاكتوارية المتعاقبة لمؤسسة الضمان الاجتماعي تباينًا لافتًا في تقدير سنة التعادل بين الإيرادات والنفقات، ما يثير تساؤلات جدّية حول منهجية هذه الدراسات، ودقّتها، ومدى انعكاس التحولات الاقتصادية والاجتماعية الفعلية على نتائجها. تقرير عام 2016 أظهر سنة التعادل 2034 تقرير عام 2019 أظهر سنة التعادل 2039 تقرير عام 2022 أظهر سنة التعادل 2030 تقرير عام 2025 أظهر نقطة التعادل الأولى 2030 والثانية 2038 هذا التقلّب الحاد لا يمكن اعتباره مسألة تقنية بحتة، بل يعكس خللًا بنيويًا عميقًا أصاب المركز المالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي، لا سيّما خلال الفترة بين عامي 2019 و2022، حين جرى التوسّع في تحميل الضمان كلفة قرارات استثنائية اتُّخذت خلال جائحة كورونا، بدل أن تتحمّلها الخزينة العامة. غير أنّ الإشكالية لا تتوقف عند تلك المرحلة، إذ لا يوضّح التقرير الاكتواري الأخير بشكل كافٍ أثر المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها الأردن خلال الأعوام 2022–2025، وفي مقدمتها ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات تقارب ربع القوى العاملة، وتغيّر التركيبة العمرية للسكان، واتساع ظاهرة التقاعد المبكر، واستمرار التهرّب من دفع الاشتراكات التأمينية. التقاعد المبكر: كلفة مرتفعة ونتائج اجتماعية مختلّة تشير البيانات الرسمية إلى أنّ المتقاعدين ضمن فئة التقاعد المبكر يشكّلون نحو 64% من إجمالي المتقاعدين، ويستحوذون على ما يقارب 61% من فاتورة الرواتب التقاعدية. وهو ما يعكس اختلالًا واضحًا في بنية النظام التأميني، خاصة في ظل غياب أي ربط بين سياسات التقاعد المبكر والأوضاع الاقتصادية العامة، أو معدلات النمو، أو سوق العمل. وقد فاقم هذا الخلل لجوء الحكومات إلى الإحالات الجماعية القسرية للتقاعد المبكر، لا سيّما في سياق الخصخصة وإعادة الهيكلة، بدل توفير دعم مالي مباشر لمؤسسة الضمان. بل جرى، في المقابل، التعامل مع صندوق استثمارات الضمان بوصفه مصدرًا ميسّرًا للاقتراض الحكومي بفوائد منخفضة. وتزداد خطورة هذا المسار إذا ما أُخذ بعين الاعتبار أنّ نحو 160 ألف متقاعد يتقاضون رواتب تقاعدية تقل عن 300 دينار، أي ما يقارب 43% من إجمالي المتقاعدين، من دون أن تشهد أوضاعهم أي تحسّن جوهري. وهو ما يطرح سؤالًا مشروعًا حول الفئات الاجتماعية التي استفادت فعليًا من سياسات التقاعد المبكر، وطبيعة توزيع المنافع داخل النظام التقاعدي. سياسات اقتصادية تضغط على الضمان لا يمكن فصل أزمة الضمان الاجتماعي عن التحولات الاقتصادية التي شهدها الأردن منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، حين جرى تبنّي سياسات نيوليبرالية واسعة النطاق تحت إشراف المؤسسات المالية الدولية. وقد أسفرت هذه السياسات عن تقليص دور الدولة في الحماية الاجتماعية، وتوسيع الخصخصة، وتحميل الأفراد أعباء متزايدة، مع تراجع فرص العمل المستقر ونمو الأجور. وفي هذا السياق، تعرّضت مؤسسة الضمان لضغوط متراكمة هدفت إلى تخفيف العبء عن المالية العامة للدولة على حساب أموال المؤمن عليهم، بما في ذلك نقل كلف تقاعد مرتفعة إليها، الأمر الذي أضعف مركزها المالي على المدى المتوسط والطويل. كما تعرض الضمان لضغوط حكومية من نوع آخر عندما قام باعفاء بعض القطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات من اشتراكات الضمان، وهذه سياسة غير دقيقة وغير عادلة. الاقتراض الحكومي: نقل المخاطر إلى أموال العمال تُعدّ استدانة الحكومات المتعاقبة من صندوق استثمار الضمان من أخطر الإشكاليات القائمة، إذ تشير التقديرات إلى أنّ مديونية الحكومة تقترب من 60% من موجودات الصندوق، وهي نسبة مرتفعة تنطوي على مخاطر جسيمة. فربط أموال الضمان بقدرة الدولة على السداد، في ظل عجز مالي مزمن، يعني عمليًا رهن استدامة حقوق المتقاعدين بمصير مالية عامة مأزومة. ويزداد القلق في ظل غياب الشفافية حول بعض الاستثمارات، ومنها دفع 150 مليون دينار من أموال الضمان لشراء أرض لم تتضح حتى الآن طبيعتها أو عوائدها الاقتصادية، ما يطرح علامات استفهام حول معايير الحوكمة وحماية أموال المؤمن عليهم. خلاصة إنّ جوهر الإشكال في ملف الضمان الاجتماعي لا يكمن في التفاصيل الاكتوارية وحدها، بل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي جرى اعتمادها لعقود، والتي حوّلت الضمان من شبكة أمان للطبقة العاملة إلى أداة لامتصاص أزمات المالية العامة. فالتوسّع في الاقتراض الحكومي من أموال الضمان لا يمثّل استثمارًا آمنًا، بل نقلًا منظّمًا للمخاطر من الدولة إلى العمال، عبر التضخم وضعف العائد وتآكل القيمة الحقيقية للمدخرات. ومن هنا، فإن أي نقاش جاد حول مستقبل الضمان الاجتماعي يفترض مراجعة شاملة للنهج الاقتصادي القائم، وضمان الاستقلال المالي والإداري للمؤسسة، وتحميل الخزينة العامة مسؤولياتها، وتحسين أوضاع المتقاعدين من ذوي الدخل المنخفض، والحد من التهرّب التأميني، دون تحميل العمال والموظفين أعباء إضافية. نضيف أيضا إلى أن التعديلات القانونية المزمع اجراؤها على قانون الضمان الاجتماعي يجب ان تضع ضوابط ضرورية لتصنيف الرواتب والمكافآت، فالرواتب العليا يجب ان تكون مسقوفة برقم محدد، ونسبة مساهمة تتناسب مع قيمة الراتب التقاعدي وتنسجم مع القيم التكافلية للضمان الاجتماعي. 29 / 12 / 2025 الأحزاب الموقعة حزب الوحدة الشعبية الحزب الشيوعي الأردني حزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" .