اختراق علمي جديد.. الأجسام المضادة تتحدى سرطان البنكرياس

كشف باحثون عن علاج مناعي واعد يعتمد على الأجسام المضادة قد يشكّل نقلة نوعية في علاج سرطان البنكرياس، أحد أكثر السرطانات فتكًا وصعوبة في العلاج. ويقوم العلاج الجديد على إعادة تنشيط جهاز المناعة بعد أن ينجح الورم في تعطيله، ما يسمح للجسم بمهاجمة الخلايا السرطانية بدل التغاضي عنها. ووفقًا لتقرير علمي نشرته جامعة نورث وسترن الأميركية في مجلة "Cancer Research" العلمية المرموقة، فإن المشكلة الأساسية في سرطان البنكرياس لا تكمن فقط في سرعة انتشاره، بل في قدرته العالية على مراوغة جهاز المناعة والتهرب منه، وهو ما جعل العلاجات المناعية التقليدية أقل فاعلية مقارنة بأنواع سرطانية أخرى. وأوضح الباحثون أن خلايا سرطان البنكرياس تستخدم آلية بيولوجية دقيقة تقوم على إرسال إشارات جزيئية مضلِّلة إلى الجهاز المناعي، توحي بأنها خلايا طبيعية غير خطرة. وبهذه الطريقة، تتجنّب الخلايا السرطانية الهجوم المناعي، وتستمر في النمو والانتشار دون مقاومة تُذكر. وبحسب التقرير المنشور عن جامعة نورث وسترن، فإن هذه "الخدعة المناعية" تمثل أحد الأسباب الرئيسية لفشل العلاجات المناعية الحالية في تحقيق نتائج ملموسة لدى مرضى سرطان البنكرياس. آلية العلاج الجديد والعلاج المطوَّر يعتمد على أجسام مضادة مصمَّمة بدقة لاستهداف الإشارات التي يستخدمها الورم لخداع جهاز المناعة. وعند تعطيل هذه الإشارات، يتمكن الجهاز المناعي من التعرّف على الخلايا السرطانية باعتبارها تهديدًا حقيقيًا، ويبدأ في مهاجمتها بشكل فعّال. وأظهرت التجارب الأولية التي أُجريت على نماذج حيوانية أن هذا النهج أدى إلى تنشيط ملحوظ للخلايا المناعية داخل الورم، إلى جانب إبطاء نمو سرطان البنكرياس مقارنة بالحالات التي لم تتلقَّ العلاج، وفق ما جاء في التقرير نفسه. ويكتسب هذا التطور أهمية استثنائية في ظل الإحصاءات القاتمة لسرطان البنكرياس، الذي يُصنَّف من بين أكثر أنواع السرطان تسببًا في الوفاة، وغالبًا ما يُشخَّص في مراحل متأخرة تقل فيها فرص العلاج. ويرى الباحثون أن هذا العلاج قد يفتح الباب أمام تغيير جذري في طريقة التعامل مع المرض، من خلال تحويل الورم من "غير مرئي" مناعيًا إلى هدف مباشر لهجوم الجهاز المناعي. ورغم النتائج المشجعة، يؤكد العلماء أن العلاج لا يزال في مراحله البحثية المبكرة، ولم ينتقل بعد إلى التجارب السريرية على البشر. ويعمل الفريق حاليًا على تقييم سلامة العلاج، وتحديد الجرعات المثلى، إضافة إلى دراسة إمكانية دمجه مع العلاجات المتاحة حاليًا لتعزيز فعاليته. وبحسب تقرير جامعة نورث وسترن الأميركية، يأمل الباحثون ألا يقتصر تأثير هذا العلاج على سرطان البنكرياس فحسب، بل أن يمتد لاحقًا إلى أنواع أخرى من السرطانات التي تعتمد استراتيجيات مشابهة للتهرب من جهاز المناعة. .