ترجمة - معاريف * في حفلة الحانوكا (الأنوار) التي أجريت في البيت الأبيض، قال الرئيس ترامب لأحد الشخصيات الذين حضروا المناسبة، إن تأثير اليهود على ما يجري في الولايات المتحدة تغير، ولم يعد كما كان في الماضي. وقد كان محقاً. ربما أراد ترامب توجيه رسالة سياسية تقضي بأن يهود الولايات المتحدة يدفعون الآن ثمناً على تأييدهم التقليدي للحزب الديمقراطي الذي تحول في أجزاء واسعة منه إلى مناهض لإسرائيل ومؤيد للفلسطينيين. وقد يتطرف هذا الواقع إذا ما زاد عدد أعضاء الكونغرس الديمقراطيين المتماثلين مع موقف اليسار ومعارضي دعم إسرائيل، في انتخابات المنتصف في تشرين الثاني من العام القادم؛ وهي إمكانية معقولة على خلفية انتصار ممداني لرئاسة بلدية نيويورك. حتى لو كان ترامب محقاً في هذه الرسالة، لكنه لم يذكر تطوراً موازياً في حزبه الجمهوري؛ فترامب ليس لاسامياً، لكن قسماً من النواة الأيديولوجية الصلبة في حزبه، التي تسمى "MAGA”، والتي هي الأحرف الأولى من شعار "فلنعد أمريكا إلى عظمتها” وتحيط بطبقات عديدة شباب الحزب، هي لاسامية بوضوح؛ لدرجة تبني مواقف تذكر بالثلاثينيات في ألمانيا. فضلاً عن ذلك، فإن أعضاء الحزب أولئك يرون في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل تضارباً مع المواقف الانعزالية التي بفضلها ترامب، برأيهم، في الانتخابات. شخصيات مثل رجل الإعلام تاكر كارلسون، الذي أعطى منصة لخطاب لاسامي من المؤثر المؤيد للنازية نيك فوانتس، و”الأيديولوجي” المحافظ ستيف بانون الذي كان مقرباً من ترامب، يتصدرون خطاً يجد تعبيره أيضاً في المعارضة بشأن خطوات أمريكا ضد إيران، وشجب الأعمال الإسرائيلية ضد حماس في غزة. لكن يبرز كورت ميلس، محرر صحيفة محافظة متطرفة، حاول التصدي للمرشحات للرئاسة عن الحزب الجمهوري. وبرأي ميلس، فإن دعم إسرائيل يتناقض وميول الحزب الحقيقية، وهو يعمل على إدخال بنود مناهضة لإسرائيل في برنامج الحزب قبيل الانتخابات القادمة. وفي هذه الأثناء، لا تزال هذه المجموعة تشكل أقلية بين الجمهوريين وحتى داخل "MAGA”، لكن قوتها لا بأس بها. كما أن الرئيس ترامب لم يتحفظ عليها علناً. وثمة مؤشرات واضحة على أنه، مثلما في الحزب الديمقراطي، سيصبح دعم إسرائيل والتماثل القيمي والعملي معها من قبل الجمهوريين، موضوعاً مركزياً وموضع خلاف في حملة الانتخابات، وهو توقع لا يمكن لإسرائيل ويهود الولايات المتحدة ألا يبالوا تجاهه. الوضع في هذا الشأن مختلف تماماً عما كان آنفاً، حين كان دعم إسرائيل شبه إجماع في أوساط الحزبين وفي المعسكرات التي فيهما. فالصراع في هذا الشأن ليس ضائعاً في أي من الحزبين، لكن الرياح السيئة التي تهب في واشنطن تستوجب خطوط عمل متداخلة ومختلفة عن تلك التي اتخذت في الماضي، بما في ذلك استنفاد مواقف مشتركة لإسرائيل والطائفة اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة، وهو موضوع أهملته حكومة إسرائيل. الصراعات السياسية في إسرائيل لا يجب أن تنتقل إلى الساحة الأمريكية خشية استغلالها ضدنا وضد اليهود هناك. إلى أي مدى باتت فيه الخلافات بشأن موضوع إسرائيل وتداعياتها على اللاسامية موضوعاً مركزياً (في الحزب الديمقراطي هي هكذا منذ زمن بعيد) يثبت الاجتماع السنوي للحزب الذي عقد قبل أسبوعين في أريزونا، حيث بذل نائب الرئيس فانس جهداً جباراً للجسر بين الصقور. "الرئيس ترامب لم يبنِ الائتلاف السياسي الأكبر بوضع مؤيديه أمام اختبارات طهارة لا نهاية لها”، قال في خطابه، ورغم أن أقواله نالت تصفيقاً كثيراً، فإنها لم تشوش الانطباع الذي تركته المناكفات بين المعسكرات المختلفة. أحد المتحدثين الرئيسيين، ستيف بانون، وصف المحلل السياسي اليهودي والمؤيد لإسرائيل بن شبيرو بـ "سرطان متفشّ”. تعبيرات من هذا النوع باتت معروفة، وليس من التاريخ البعيد. مرة أخرى، ثبت أن اليمين واليسار يلتقيان في الموضوع اليهودي. .