عاجل: صلاح باتيس في حوار لـ «اليوم»: اتفاق الرياض يوحد الجهود.. وما يجري بالمحافظات الشرقية لليمن تمرد مسلح

في ظل تعقيدات المشهد اليمني، وتصاعد التوترات السياسية والأمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية، تبرز تساؤلات ملحّة حول مستقبل الدولة اليمنية، ومصير العملية السياسية، ودور المرجعيات الوطنية والإقليمية في حماية وحدة البلاد واستقرارها.

وفي هذا السياق، أجرت صحيفة «اليوم» حواراً موسعاً مع صلاح باتيس، عضو مجلس الشورى اليمني، وعضو اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، وأحد أبرز وجهاء حضرموت، للوقوف على قراءته لما يجري، وموقف مجلس الشورى، ودور المملكة العربية السعودية، وآفاق الحل السياسي، وحدود الشراكة الإقليمية، ومخاطر عسكرة القضايا الوطنية.

رفض التحركات الأحادية


بداية، كيف يقرأ مجلس الشورى اليمني اتجاه التطورات السياسية والأمنية
في جنوب وشرق اليمن؟

مجلس الشورى اليمني أصدر خلال الفترة الماضية عدداً من البيانات الواضحة والصريحة، أكد فيها على ضرورة الحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية، ورفض أي تحركات أحادية أو تمرد على السلطة الشرعية، الممثلة بفخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، وكافة المؤسسات الدستورية.

وشدد المجلس على التمسك بالمرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، وهي: المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والقرارات الأممية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2216، إضافة إلى اتفاق الرياض وقرار نقل السلطة.

وأكد مجلس الشورى وقوفه الثابت مع مجلس القيادة الرئاسي، وتأييده للإجراءات التي اتخذها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لحفظ الأمن والاستقرار، وحماية المدنيين، وصوّن الممتلكات العامة والخاصة، وردع أي محاولة لتقويض السلم المجتمعي أو تهديد الأمن الوطني، خصوصاً في المحافظات الشرقية، وكذلك حماية الأمن الإقليمي للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.



برأيكم، ما حجم المسؤولية الدستورية والسياسية الواقعة على عاتق الشرعية اليمنية في هذه المرحلة؟

المسؤولية الدستورية والسياسية الملقاة على عاتق الشرعية اليمنية اليوم مسؤولية جسيمة، وتتمثل أولاً في التعامل بحزم مع أي تحركات خارج إطار الشرعية الدستورية، وخارج توجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبعيداً عن غرفة العمليات المشتركة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

كما أن من أهم الواجبات الملحّة توحيد كافة التشكيلات العسكرية والأمنية تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية، بحيث لا تبقى أي قوات منفلتة أو خارج مؤسسات الدولة الدستورية، لأن بقاء السلاح خارج الدولة يمثل تهديداً مباشراً لوحدة اليمن وأمنه واستقراره.

عمق استراتيجي بين المملكة واليمن


ما دلالات مطالبة اليمن والمملكة العربية السعودية بخروج القوات الإماراتية ووقف أي دعم عسكري أو مالي لأطراف داخل اليمن؟

هذه المطالبة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية والأمنية المشتركة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، وهي علاقة تاريخية وجغرافية وقدر مشترك، تمتد حدودهما لأكثر من 1800 كيلومتر.

كما أن أي تهديد لأمن أحد البلدين ينعكس بالضرورة على الآخر، ولذلك فإن هذا الموقف يؤكد أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة.

وفي المقابل، فإن ما قامت به بعض الأطراف، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، يُعد خروجاً واضحاً عن أهداف التحالف العربي المعلنة، ودعماً لمكونات خارج إطار الدولة اليمنية ومؤسساتها الشرعية.



كيف يمكن ترجمة هذا الموقف السياسي إلى خطوات عملية تحافظ على سيادة الدولة؟

الأمر يتطلب تشكيل فريق عمل وغرفة عمليات مشتركة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، والعمل الجاد على إعادة توحيد القوات المسلحة والأمن
في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، وضبط مسار الشرعية باتجاه الهدف الأساسي وهو تحرير العاصمة صنعاء واستعادة الدولة.

كما يتطلب ذلك مراجعة شاملة للجانب المالي، وتوحيد المرتبات والأجور، بعد أن شهدنا خلال الفترات السابقة تبايناً غير مقبول في صرف الرواتب بين عملات مختلفة.

إضافة إلى ذلك، يجب توحيد القرار السياسي والعسكري، وفقاً لمركز العمليات المشتركة والقيادة العليا للقوات المسلحة، وبما يضمن خضوع الجميع لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي.

المملكة أكدت أن القضية الجنوبية قضية عادلة.. كيف تنظرون إلى هذا الموقف؟

هذا التأكيد يعكس اهتماماً بالغاً بقضية محورية في الملف اليمني.

وفي مؤتمر الحوار الوطني، وُضعت استراتيجية واضحة لمعالجة القضية الجنوبية، بدءاً من جذورها التاريخية منذ عام 1967، مروراً بأسبابها ومظاهرها، وصولاً إلى الحلول والضمانات.

وأقر المؤتمر الانتقال إلى دولة اتحادية من ستة أقاليم، بما يضمن الشراكة العادلة في إدارة السلطة وتوزيع الثروة.

للأسف، الحوثي رفض هذه المخرجات وقاد انقلاباً لإفشال إرادة اليمنيين، واليوم يعيد المجلس الانتقالي الخطأ ذاته بمحاولة فرض مشروعه بالقوة، وهو ما نرفضه جملةً وتفصيلاً.


دور "الشورى" المحوري


ما الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس الشورى في هذه المرحلة؟

مجلس الشورى، باعتباره الغرفة الثانية في البرلمان، يؤدي دوراً محورياً في حماية المسار السياسي، ومنع عسكرة القضايا الوطنية، والتأكيد على التمسك بالمرجعيات، ودعم مؤسسات الدولة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج إطارها الدستوري.

كيف تقيّمون جهود المملكة في تهدئة الأوضاع في حضرموت والمهرة؟

الجهود السعودية كانت كبيرة ومقدّرة، خصوصاً عبر الوفد السعودي برئاسة اللواء الدكتور محمد عبيد القحطاني، الذي لعب دوراً محورياً في خفض التصعيد ومنع الانزلاق إلى حرب أهلية، بالتعاون مع السلطة المحلية ومشايخ القبائل ومكونات المجتمع الحضرمي، هذه الجهود، إلى جانب المواقف الحازمة للمملكة الداعمة للشرعية، كان لها الأثر الأكبر في منع انفجار الأوضاع.


اتفاق الرياض.. خطوة توحيد الجهود


كيف تنظرون إلى اتفاق الرياض في ظل التطورات الأخيرة؟

اتفاق الرياض ليس مقتصراً على الجنوب، بل هو لكل أبناء اليمن، وخطوة نحو توحيد الجهود لاستعادة الدولة، لكن التطورات الأخيرة تفرض مراجعة حقيقية لمسار تنفيذ الاتفاق، بعد أن استخدمت بعض المكونات نفوذها لتحقيق مصالح خاصة، ما أدى إلى تمرد عسكري هدد السلم الاجتماعي والأمن الإقليمي.

أخيراً.. ما خارطة الطريق التي ترونها مناسبة لإنهاء الأزمة اليمنية؟

خارطة الطريق تبدأ بإسقاط التمرد الحوثي المدعوم من إيران، واستعادة الدولة والعاصمة صنعاء، ثم استكمال العملية السياسية، وتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وصياغة دستور الدولة الاتحادية، وبناء دولة شراكة عادلة، لا يحتكرها حزب أو قبيلة أو جهة، وأنا على ثقة بأن الأشقاء في المملكة العربية السعودية لن يدخروا جهداً في دعم اليمن حتى يستعيد عافيته واستقراره.